والإثم أعمّ من العدوان : وقوله : (يَلْقَ أَثاماً)(١) أي يلق عقابا ؛ سماه أثاما (٢) لما كان بسببه ، كقوله : «تعالى النّدى في متنه» (٣) ، و «إذا نزل السماء» ، كما تقدّم. وقيل : معنى (يَلْقَ أَثاماً) أي يحمله ذلك على ارتكاب الآثام ، وذلك أنّ الأمر الصغير قد يجرّ إلى الأمر الكبير. ومنه : العاصي ... (٤). وقيل : معناه يلق جزاء آثامه. أنشد الأزهري لنصيب بن الأسود (٥) : [من الطويل]
وهل (٦) يأثمنّي الله في أن ذكرتها |
|
وعلّلت أصحابي بها ليلة النّحر |
أي : هل يجازيني جزاء إثمي؟
يقال : أثمه ويأثمه : جازاه (٧) جزاء إثمه. وقوله : (وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ)(٨) قال الفرّاء : الإثم ما دون الحدّ ، والبغي : الاستطالة على الناس. وقوله : (لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ)(٩) أي : لا مأثم فيها ولا سكر ، وهذا بخلاف خمور الدنيا ؛ فإنّ فيها ما يحمل على كلّ إثم. ويسمّى الكذب إثما تسمية للنّوع باسم جنسه كتسمية الإنسان حيوانا ، أو لأنّه يؤدّي إلى الإثم. وقوله : (آثِمٌ قَلْبُهُ)(١٠) أي متحمّل لذلك. وقد قابل (١١) النّبيّ صلىاللهعليهوسلم الإثم بالبرّ في قوله : «البرّ ما اطمأنت (١٢) إليه النفس ، والإثم ما حاك في صدرك» (١٣). وهذا منه عليه الصلاة والسّلام حكم للبرّ والإثم لا تفسيرهما لذلك.
__________________
(١) ٦٨ / الفرقان : ٢٥.
(٢) في الأصل : إثما ، ولعل الصواب ما ذكرنا.
(٣) الجملتان من البيتين السابقين.
(٤) بياض قدر كلمة في ح ، وفي س غير فراغ.
(٥) هو نصيب بن رياح الأسود الحبكي مولى بني الحبيك بن عبد مناة. وهو ليس بنصيب الأسود المرواني ، ولا بنصيب الأبيض الهاشمي.
(٦) كذا في س ، وفي ح واللسان : وقد. والشاهد كذلك في الغريبين : ١ / ١٩.
(٧) وفي س : جزاه.
(٨) ٣٣ / الأعراف : ٧.
(٩) ٢٣ / الطور : ٥٢.
(١٠) ٢٨٣ / البقرة : ٢.
(١١) في الأصل : قال ، ولعلها كما ذكرنا.
(١٢) في الأصل : اطمأن.
(١٣) صحيح مسلم ، البرّ : ١٤.