وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها)(١) وقيل : الأجلان معا للموت (٢) ، إلا أنّ من الناس من يأتيه أجله بعارض من سيف أو حرق أو غرق أو أكل سمّ أو شيء غير موافق ممّا يقطع الحياة ، ومنهم من يعافى ويوقىّ كلّ ذلك حتّى يأتيه الموت حتف أنفه ، وإليهما أشار من قال : «من أخطأه سهم الرزيّة (٣) لم يخطئه سهم المنيّة».
وقيل : للنّاس رجلان ؛ رجل يموت عبطة ورجل يبلغ أجلا لم يجعل له الله في طبيعة الدنيا أن يبقى أحد أكثر منه فيها. وقد أشار إليهما بقوله تعالى : (وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ)(٤). وقال زهير : [من الطويل]
رأيت المنايا خبط عشواء من تّصب |
|
تمته ، ومن تخطىء يعمّر فيهرم |
وقال آخر (٥) : [من المنسرح]
من لم يمت عبطة يمت هرما |
|
للموت كأس والمرء ذائقها |
وقال ابن عرفة : «الأجل المقضيّ هو الدّنيا والحياة ، والمسمّى هو أمر الآخرة». وقوله تعالى : (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ)(٦) أي من جرّائه وجنايته. يقال : أجلت الشيء ، وآجله : جنيته. وقرىء : من إجل (٧) بالكسر أي من جناية. والأجل والإجل : الجناية التي يخاف منها أجل. فكلّ أجل جناية ، وليس كلّ جناية أجلا. وفي الحديث : «كنا مرابطين بالساحل فتأجّل متأجّل» (٨) أي طلب الرجوع إلى أهله ، وأراد أن يضرب له أجل ذلك. وقوله : ((وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَ)(٩) وهو المدّة
__________________
(١) ٤٢ / الزمر : ٣٩.
(٢) في الأصل : الموت.
(٣) كذا المشهور ، وفي الأصل : المدرية وهي الرماح كانت تركب فيها القرون المحددة. ولم يرد المثل في مجمع الأمثال ولا في المستقصى.
(٤) ٧٠ / النحل : ١٦.
(٥) هو لأمية بن أبي الصلت ، كذا في اللسان مادة (عبط).
(٦) ٣٢ / المائدة : ٥.
(٧) قرأها بكسر الهمزة أبو جعفر المدني (مختصر في شواذ القرآن : ٣٢).
(٨) وفي النهاية : «... متأجل منّا» (١ / ٢٦).
(٩) ٢٣١ / البقرة : ٢.