وَعَهْدِهِمْ راعُونَ)(١) أي حافظون وقائمون عليها. وأمّا الارعواء ، وهو النّدم على الشيء والانصراف عنه ـ وفعله : ارعوى يرعوي (٢) ، ولا يعرف في المعتلّ مثله ، كأنهم بنوه على الرّعوى ـ فليس من مادة الرّعي في شيء.
فصل الراء والغين
ر غ ب :
قوله تعالى : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ)(٣) أي يكرهها. والرغبة : الكراهة والإرادة ، ويتميّز المعنيان بحرف الجرّ ، فيقال في الكراهة : رغبت عنه ، وفي الإرادة : رغبت فيه. ولذلك يطّرد حرف الجارّ مع إنّ وأنّ إلا إذا كانتا معمولتين لرغب لأجل اللّبس.
وأما قوله تعالى : (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ)(٤) فإنّما حذف لتعيّنه وعدم التباسه. ولنافيه بحث حسن أتقنّاه في غير هذا. وأصل الرغبة : السّعة في الشيء ؛ رغب الشيء : اتّسع ، ومنه : رغيب الجوف ، وفرس رغيب العدو (٥). والرّغب والرّغبة والرّغبى : السّعة في الإرادة ؛ فإذا قيل : رغب فيه ، وإليه ، اقتضى ذلك الحرص ؛ قال تعالى : (إِنَّا إِلَى اللهِ راغِبُونَ)(٦) ، فإذا قيل : رغب عنه اقتضى صرف الرغبة عنه ، والرغبة : العطاء الكثير ، إمّا لكونه مرغوبا فيه ، فتكون مشتقة من الرغبة ، وإما لسعته ، فتكون مشتقة من الأصل. وفي تلبية ابن عمر : «منك النّعمى وإليك الرّغبى» (٧). ويقال : رغبى ورغباء (٨). وفي الحديث : «الرّغب شؤم» (٩) ، أي الحرص والشّره. وأرض رغاب : لا تسيل إلا من مطر كثير. وفي
__________________
(١) ٨ المؤمنون : ٢٣ ، وغيرها.
(٢) أي كفّ عن الأمور.
(٣) ١٣٠ البقرة : ٢.
(٤) ١٢٧ النساء : ٤.
(٥) وفي الأصل : رغب الجوف .. رغب العدو ، والتصويب للسياق.
(٦) ٥٩ التوبة : ٩.
(٧) النهاية : ٢ ٢٣٧ ، إضافة على الدعاء.
(٨) مثل : نعمى ونعماء.
(٩) النهاية : ٢ ٢٣٨.