فصل الدال والفاء
د ف أ :
قوله تعالى : (لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ)(١) الدّفء : اسم لما يدفأ به من البرد ، وأشار بذلك إلى ما يتّخذ من أصوافها وأوبارها وأشعارها من الأخبية والجباب والأكسية ونحوها ممّا يمنع من البرد. وعبّر الراغب بالدّفء عمّا يدفئ ، فجعله فعلا بمعنى فاعل ، والأولى ما قدّمته ؛ فإنّ فعلا كثر بمعنى المفعول نحو ذبح وطحن. وعن ابن عباس : إنّ «الدفء» (٢) نسل كلّ دابّة.
وعن الأمويّ : الدفء عند العرب نتائج الإبل والانتفاع بها ، وفي الحديث : «لنا من دفئهم وصرامهم» (٣) أي من إبلهم وغنمهم. قال الهرويّ : وقد سماها «دفء» لأنه يتّخذ من أصوافها وأوبارها وأشعارها ما يدفأ به. وقد صرّح الفراء بما قدّمته فقال : والدفء ما يستدفأ بأصوافها (٤). ويقال : دفئ الرجل فهو دفآن. وتدفّأ بالمكان. ودفؤ الزمان فهو دفيء.
وفي الحديث : «أنّه أتي بأسير توعّك (٥) ، فقال : أدفوه» يريد : ادفئوه ، ففهموا عنه القتل فقتلوه (٦). فوداه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وذلك إنما قال : أدفوه بغير همز لأنه ليس من لغته الهمز ، قاله الهرويّ. ثم قال : ولو أراد القتل لقال دافّوه أو دافوه ، يقال : داففت الأسير ودافيته : أي أجهزت عليه (٧).
والدّفأ : الانحناء ؛ يقال منه : رجل أدفأ وامرأة دفأى. وفي حديث الدّجال. «فيه دفأ» (٨).
__________________
(١) ٥ النحل : ١٦.
(٢) في شرح الآية السابقة.
(٣) النهاية : ٢ ١٢٤.
(٤) صواب كلام الفراء : «وهو ما ينتفع به من أوبارها» (معاني القرآن : ٢ ٩٦).
(٥) وفي النهاية (٢ ١٢٣) : يرعد.
(٦) حسبوه الإدفاء بمعنى القتل في لغة أهل اليمن ، ووداه من الدية.
(٧) وأدفأته ودافأته ودفوته ، كما في اللسان ـ مادة دفأ ، والنهاية : ٢ ١٢٣.
(٨) ذكره الهروي مهموزا ، وقد ورد مقصورا «دفا» كما في النهاية : ٢ ١٢٦.