وقال النابغة الذبيانيّ (١) : [من الطويل]
لئن كنت قد بلّغت عني رسالة |
|
لمبلغك الواشي أغشّ وأكذب |
ولكنّني كنت امرءا لي جانب |
|
من الأرض فيه مستراد ومذهب |
مستراد ، مستفعل ، من الرّود ، وفي الحديث : «إذا بال أحدكم ، فليرتد لبوله» (٢) أي يطلب مكانا ليّنا (٣). وقيل : وأصل الحرف من رادت الريح ترود رودانا : إذا تحرّكت حركة خفيفة ، وقال الراغب (٤) : الرّود : التّردّد في طلب الشيء برفق ، وباعتبار الرفق قيل : رادت المرأة في طلب شيء. والإرادة في الأصل [قوة](٥) مركبة من شهوة أو حاجة وأمل ، وجعلت اسما لنزوع النفس إلى الشيء مع الحكم فيه بأنه (٦) ينبغي أن يفعل أو لا يفعل. فإذا استعمل في الله تعالى فإنه يراد به المنتهى دون المبتدأ ، فإنّه يتعالى عن معنى النزوع ؛ فإذا قيل : أراد الله كذا ، فمعناه حكم الله أنه كذا أو ليس كذا. وقد تذكر الإرادة ويراد بها معنى الأمر ، كقولك : أريد منك كذا ، أي آمرك ، نحو : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ)(٧). وقد تذكر (٨) ويراد بها القصد ، كقوله : (لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً)(٩) أي لا يقصدونه ولا يطلبونه. والمراودة : أن تنازع غيرك في الإرادة ، فتريد غير ما يريد ، وترود غير ما يرود ، فمعنى (تُراوِدُ فَتاها)(١٠) أي تصرفه عن رأيه. والإرادة قد تكون بحسب القوة
__________________
(١) الديوان : ٧٧ ، وصوّبنا البيت الأول منه.
(٢) النهاية : ٢ ٢٧٦.
(٣) لئلا يرجع إليه رشاش بوله.
(٤) المفردات : ٢٠٦.
(٥) إضافة منقولة من المفردات : ٢٠٦.
(٦) وفي الأصل : فإنه.
(٧) ١٨٥ البقرة : ٢.
(٨) يعني الإرادة.
(٩) ٨٣ القصص : ٢٨.
(١٠) ٣٠ يوسف : ١٢.