باب السين
فصل السين والهمزة
س أل :
قوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ)(١) أي تتناشدون به وتتقاسمون. فتقول : أنشدك بالله وبالرّحم. والسؤال : استدعاء معرفة أو ما يؤدّي إليها ، واستدعاء مال أو ما يؤدّي إليه. فاستدعاء المعرفة جوابها باللسان ، وتنوب عنه اليد ، فاليد خليفة عنه بالكتابة والإشارة ، واستدعاء المال جوابه باليد ، وينوب عنها اللسان بوعد أو ردّ. وأمّا السؤال الوارد من الله تعالى فليس للاستعلام لأنه تعالى علّام الغيوب ، وإنّما المراد به التقريع والتّبكيت لقوم ، أو الجحد كقوله تعالى : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ)(٢) المقصود تبكيت عبدة المسيح وأمّه ، وإظهار كذبهم على عيسى ومريم عليهماالسلام (٣) ، وقوله : (فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ)(٤) المقصود نفي ذلك عن كلّ أحد وإثباته للفسقة ، وقوله : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ)(٥) يقال : هذا تبكيت وتقريع لمن كان يئد ولده ، ولهذا قرئ سألت مبنيا للفاعل و «قتلت» مبنيا للمفعول مضموم التاء للمتكلم (٦).
ثم السؤال إن كان للتعرّف تعدّى لاثنين ثانيهما بنفسه تارة وبحرف الجرّ أخرى. وهو
__________________
(١) ١ النساء : ٤.
(٢) ١١٦ المائدة : ٥.
(٣) بكته : عنفه وقرّعه.
(٤) ٣٥ الأحقاف : ٤٦.
(٥) ٨ التكوير : ٨١.
(٦) قرأها كذلك علي (رضي) وابن مسعود وابن عباس وعن عشرة من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وقرأها أبو جعفر المدني بالتشديد «قتّلت» بالتشديد. وقرأ الأعشى «المودة» بلا همز (مختصر الشواذ : ١٦٩).