الآية (١). قيل : معناه تصلون في هذه الأوقات. وقد استدلّ به على ذكر الصلوات الخمس. والسّبّوح والقدّوس فعّول ؛ من التّسبيح ومن القدس وهو الطهارة ، وليس لنا فعّولّ غيرهما ، وقد يفتحان نحو : كلّوب وسمّور.
والسّبحة للتّسبيح ، وهي أيضا الخرزات المسبّح بها ؛ سميت بذلك لأنه يعدّ بها لفظه.
وقوله تعالى ؛ (وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً)(٢) قيل : هم الملائكة ، يسرعون فيما يؤمرون به بين السماء والأرض. وقيل : هي أرواح المؤمنين ، تنبيه على سهولة خروجها عند الموت ، أو جولانها في الملكوت عند النوم. وقيل : هي السفن لأنها تسبح في الماء ، والسابقات : الخيل. وفي الحديث : «لأحرقت سبحات وجهه» (٣) أي نور وجهه.
وقوله : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ)(٤) أي بلسان الحال. وذلك هو الإذعان لربوبيّته والطواعية لقدرته ، كقوله : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً)(٥). وقيل بلسان القال ، ولكن أخفى الله تعالى عنا فهم ذلك. وإليه أشار بقوله : (وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ)(٦). وهذا هو الظاهر ؛ إذ لو لم يكن شيئا يخفى عنّا لما خاطبنا بذلك. فأمّا كونها مسبحة بلسان الحال بالمعنى الذي قدّمته عنهم فهذا تفقّه ، فلا بدّ من معنى زائد. وأمّا التسبيح الصادر من الجمادات كالحصى الصادر على يدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم معجزة له فإنّ ذلك بلسان القال لا الحال ، وإلا لم يظهر التفاوت بينه وبين غيره عليه الصلاة والسّلام (٧).
__________________
(١) ١٧ الروم : ٣٠.
(٢) ٣ النازعات : ٧٩.
(٣) النهاية : ٢ ٣٣٢.
(٤) ٤٤ الإسراء : ١٧.
(٥) ١٥ الرعد : ١٣.
(٦) ٤٤ الإسراء : ١٧.
(٧) جاء في هامش ح الورقة ١٥٠ حول «سبحان الله» : «وهو اسم أقيم مقام المصدر ، ويكون أبدا منصوبا مضافا ، تقديره : نسبح الله تسبيحا ، ثم حذف المصدر حذفا لازما وأقيم «سبحان» مقامه وأضيف إلى الله فيكون معنى «سبحانه» : أنزهه عن صفات المخلوقات وأحوالها وأقدسه عن جميع ما لا يليق بذاته» عن شرح المفتاح.