فصل السين والخاء
س خ ر :
قوله : (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ)(١). التّسخير : التهيئة. وقيل : هو سياقة الشيء إلى الغرض المختصّ به. فهذا قوله : (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا)(٢) قرئ بالضمّ والكسر ؛ فقيل : هما بمعنى. والمعنى أنكم تستهزئون بهم ، يدلّ عليه ما بعده وهو قوله : (وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ)(٣). وقيل : تستخدمونهم وتستهزئون بهم. وقيل : المضموم من الخدمة ، والمكسور من الهمز والسّخرية (٤) ، ولذلك لم يختلف السبعة في ضمّ ما في «الزخرف» (٥). ورجل سخرة : إذا كان يكثر السّخرية بغيره ، وسخرة إذا كان يسخر منه ، نحو ضحكة وضحكة.
قوله : (وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ)(٦) أي جارية لمنافعكم. قوله : (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ)(٧) أي قهرهما. وفي ذلك تنبيه على الردّ على عبدة الكواكب والنّيّرين ، إذ لو كانوا ممّا يصلح للعبادة لم يقهروا ويسخّروا ، وهو معنى حسن بديع. قوله : (وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ)(٨) أي يسخرون. فالاستفعال بمعنى المجرّد ، كقولك : عجب واستعجب وتعجّب ؛ كلّه بمعنى واحد ، وفيه كلام ليس هذا موضعه.
وقوله : (إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ)(٩) أي نستجهلكم كما تستجهلون ، أو يكون من باب المقابلة ، فتكون السخرية حقيقة فيهم. والاستجهال عليه الصلاة
__________________
(١) ١٣ الجاثية : ٤٥.
(٢) ١١٠ المؤمنون : ٢٣.
(٣) تابع الآية السابقة.
(٤) يريد بالمعنيين : التسخير والسخرية.
(٥) يقصد الآية : (وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا) (٣٢ الزخرف : ٤٣).
(٦) ٥٤ الأعراف : ٧. و (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) (١٣ سورة الزخرف : ٤٣).
(٧) ٢ الرعد : ١٣.
(٨) ١٤ الصافات : ٣٧.
(٩) ٣٨ هود : ١١.