كقوله : (فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ)(١). وقال الفراء : السّوط اسم للعذاب وإن لم يكن ثمّ ضرب بسوط ، والأول هو المعوّل عليه (٢).
س و ع :
قوله تعالى : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ)(٣) يعني يوم القيامة. والساعة في الأصل : القطعة من الزّمان وإن قصر. وعبّر به عن القيامة وإن كانت متطاولة الأزمنة لقوله : (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ)(٤) تنبيها على سرعة الحساب. وإنه تعالى لا يفوته شيء من أعمال خلقه من صالح وسيئ. فهو يجازي الفريقين في أسرع زمان في ظنّكم. وعلى ذلك نبّه بقوله تعالى : (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ)(٥). والساعة عند أهل الفلك زمن مخصوص. وقوله تعالى : (وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ)(٦) منبّه على ما تقدّم.
وقوله تعالى : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ)(٧) ؛ فالساعة الأولى القيامة ، والثانية القليل من الزّمان. وقيل : الساعات التي هي القيامة ثلاث : الساعة الكبرى ، وهي بعث الناس للقيامة والمحاسبة. وقد أشار النبيّ صلىاللهعليهوسلم إليها بقوله : «لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفحش ، وحتى يعبد الدرهم والدينار» (٨). فذكر أمورا لم تكن في زمانه ولا فيما بعده مما يقرب منه.
والساعة الوسطى ، وهي موت أهل القرن الواحد ، نحو ما روي عنه صلىاللهعليهوسلم ، وقد رأى عبد الله بن أنيس فقال : «إن يطل عمر هذا الغلام لم يمت حتى تقوم الساعة» (٩). فيقال : إنه آخر من مات من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
__________________
(١) ٥٦ و ٥٧ ص : ٣٨.
(٢) ويقول : هذه كلمة تقولها العرب لكل نوع من أنواع العذاب ، تدخل فيه السوط ، جرى به الكلام والمثل (معاني القرآن : ٣ ٢٦١).
(٣) ١٥ طه : ٢٠.
(٤) ٤٧ الحج : ٢٢.
(٥) ٣٥ الأحقاف : ٤٦.
(٦) ٦٢ الأنعام : ٦.
(٧) ٥٥ الروم : ٣٠.
(٨) مسند أحمد بن حنبل ٢ ، ١٦٢ ، ٤٥. وفيه «التفاحش».
(٩) أنظر ترجمته في الإصابة : ٢ ٢٧٨ وفي أسد الغابة : ٣ ١١٩.