والساعة الصغرى ، وهي موت الإنسان ؛ قيل : وهي المرادة هنا بقوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا)(١) لأنّ من المعلوم [أن] مثل هذه الحسرة [تنال](٢) الإنسان عند موته. ويجوز أن يراد القيامة. وفي الحديث : «من مات فقد قامت قيامته» (٣) وقوله : (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ)(٤). وكان صلىاللهعليهوسلم إذا هبّت ريح شديدة تغيّر لونه ويقول : «تخوّفت الساعة» (٥). وكان صلىاللهعليهوسلم يقول : «ما أمدّ طرفي ولا أغمضها إلا وأظنّ الساعة قد قامت» (٦). فهذا كلّه يدلّ على أنّ المراد بالساعة حين موت الإنسان ، ويحتمل أن يكون ذلك منبها على القرب ، لأنّ ما هو آت قريب لقوله تعالى : (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ)(٧). ولا ترد في القرآن إلا مرادا بها القيامة.
وعين الساعة واو بدليل قولهم : عاملته مساوعة ، نحو : معاومة ومشاهرة. وقولهم : جاء بعد سوع من الليل وسواع ، أي هدء. وتصوّر من الساعة الإهمال (٨). فقيل : أسعت الإبل أسيعها ، فهو ضائع وسائع.
قوله : (وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً)(٩) سواع : اسم صنم. ويقال : إنه اسم رجل صالح كان في زمن نوح ، عمل قومه مثل صورته وصورة أصحابه ليتذكّروا عبادتهم فيعيدونها ، فجاء إبليس وقال لأعقابهم الأغمار (١٠) : كان آباؤكم يعبدونها. فمن ثمّ اتّخذت الأصنام. وفي ذلك نظر ؛ إذ كان يلزم منع صرفه للعجمة الشخصية والعلمية.
__________________
(١) ٣١ الأنعام : ٦.
(٢) إضافة المحقق لضرورة السياق.
(٣) رواه الديلمي عن أنس بلفظه ، وبمعناه رواه الطبراني عن المغيرة بن شعبة «كشف الخفاء : ٢ ٢٧٩».
(٤) ١٠ المنافقون : ٦٣.
(٥) المفردات : ٢٤٨.
(٦) وفي المفردات : ٢٤٨ : «ولا أغضّها».
(٧) ٧٧ النحل : ١٦.
(٨) وفي الأصل : الأعمال.
(٩) ٢٣ نوح : ٧١.
(١٠) غمار الناس : عامّتهم.