د و ن :
قوله تعالى : (مِنْ دُونِكُمْ)(١) أي من مكان غير مكان إخوانكم المسلمين. هذا حقيقة تفسير اللفظ ؛ فإنّ دون ظرف مكان ويعبّر به عن المنزلة الدنيّة ، فيقال : فلان دون عمر ، أي تحته في المنزلة. وفسّرت بمعنى غير ، أي تتخذوا بطانة من غيركم. وقد ينصرف كقوله : [من الطويل]
وباشرت حدّ الموت والموت دونها
برفع النون. وقرئ (ما دُونَ ذلِكَ)(٢) بالرفع. وأما دون بمعنى رديء فصفة من الصفات. ومنه ثوب دون. وقيل : هو مقلوب من الدّنوّ. والأدون (٣) : الرديء كما تقدّم. وقيل في قوله : (لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ) أي ممّن لم تبلغ منزلته منزلتكم في الدّيانة ، وهذا قريب مما قدّمته أوّلا. وقيل : في القرابة. وقوله : (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ) أي أقلّ منه ، وهو راجع لما ذكرته. وقيل : ما سوى ذلك. قال الراغب (٤) : والمعنى متلازمان. وقوله : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ)(٥) أي غير الله. وقيل : الهين متوصّلا بهما إلى الله. قوله : (ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍ)(٦) أي ليس لهم من يواليهم من دون أمر الله. قوله : (وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ)(٧) أي لا تقولوا : الله يشهد لنا. وهو معنى قول من يقول : من غير الله أو سوى الله. وقد حقّقنا هذا في «الدرّ» و «التفسير الكبير» ولله الحمد ، وغير ذلك.
ودونك : يقع للإغراء فينصب بها نحو : دونك العلم أي خذه ، قال (٨) : [من الرجز]
يا أيّها المائح دلوي دونكا |
|
إني رأيت الناس يحمدونكا |
__________________
(١) ١١٨ آل عمران : ٣.
(٢) ٤٨ النساء : ٤ ولم يذكر هذه القراءة ابن خالويه ولا الأخفش ولا الفراء.
(٣) كذا في المفردات : ١٧٥. وفي الأصل : والأدنى.
(٤) المفردات : ١٧٦.
(٥) ١١٦ المائدة : ٥.
(٦) ٢٦ الكهف : ١٨.
(٧) ٢٣ البقرة : ٢.
(٨) لراجز جاهلي من بني أسيد بن عمرو ، ويروى لجارية من مازن. وهو من شواهد ابن هشام في أوضح المسالك : ٣ ١٢٠ ومغني اللبيب : ٦٠٩.