فصل الشين والعين
ش ع ب :
قوله تعالى : (وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ)(١) الشعوب جمع شعب ـ بالفتح ـ وقال الفراء : الشعوب أكبر من القبائل (٢). وقال ... (٣) : ما تشعّب من قبائل العرب. وقد ذكرنا في باب القاف أنّ القبائل في العرب والشّعوب في العجم. ومنه قيل الشعوبية لقوم يتعصّبون للعجم ويفضّلونهم على العرب. قال الهرويّ : الشعوبيّ الذي يصغّر شأن العرب ، ولا يرى لهم فضلا على غيرهم. قيل لهم ذلك لأنهم يتأوّلون قوله : (شُعُوباً وَقَبائِلَ) أنّ الشعوب من العجم كالقبائل من العرب.
قلت : يعني أن الله تعالى قسم العالم الإنسيّ قسمين من غير تفضيل لأحدهما على الآخر. ثم إنه قدّم الشعوب لفظا ، وهو قرينة ترجيح. ويقال : إنّ أبا عبيدة معمر بن المثنّى كان من هؤلاء ، وأنا أحاشيه من ذلك. ويقال : إنه وضع كتابا في مثالب العرب. ويحكى أنّ الصاحب بن عباد ـ وكان أعجميا (٤) ـ يتعصب للعرب ، وأنه حضره رجل شعوبيّ وكان بديع الزمان حاضرا ، فتذاكروا عنده ، فأنشد الشعوبيّ : [من الوافر]
غنينا بالطّبول عن الطلول |
|
وعن عيس عزافرة ذمول |
فلست بتارك إيوان كسرى |
|
لتوضح أو لحومل فالدّخول |
وضبّ في الفلا ساع وذئب |
|
بها يعوي وليث وسط غيل |
بأيّة رتبة هم قد سموها |
|
على ذي الأصل والشّرف الأصيل؟ |
إذا ذبحوا فذلك يوم عيد |
|
وإن نحروا ففي عرس جليل |
__________________
(١) ١٣ الحجرات : ٤٩.
(٢) معاني القرآن : ٣ ٧٢ ، وتمام كلامه : والقبائل أكبر من الأفخاذ.
(٣) لعله ابن عباس ، كما في اللسان ـ مادة شعب في شرحه للآية الكريمة المذكورة.
(٤) وفي الأصل : عجميا.