المعدوم. وأمّا المستحيل فليس بشيء وفاقا. قال الراغب (١) : وأصله مصدر شاء. فإذا وصف الله تعالى به فمعناه شاء ، وإذا وصف به غيره فمعناه المشيء به. قال : وعلى الثاني قوله تعالى : (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)(٢) فهذا على العموم بلا مثنويّة إذ كان الشيء هنا مصدرا في معنى المفعول. وقوله : (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً)(٣) هو بمعنى الفاعل.
والمشيئة عند أكثر المتكلمين كالإرادة سواء وعند آخرين هي غيرها. فقال (٤) : إنّ المشيئة في أصلها : إيجاد الشيء وإصابته ، وإن كان قد وقع العرف بأنهما سيّان. فالمشيئة من الله تعالى إيجاده ، ومن الناس الإصابة. وقال تعالى : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ)(٥) تنبيه أنّ مشيئتهم مرتبة على مشيئة الله ، فلا فعل يستقلّ به العبد. وإذا كانت الإرادة التي هي من مقدّمات الفعل مرتبة على إرادة الله فالفعل بطريق الأولى فالمشيئة من الله مقتضية وجود الشيء. ومن ثمّ قيل : ما شاء بطريق الأولى فالمشيئة من الله مقتضية وجود الشيء. ومن ثمّ قيل : ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. وكذلك الإرادة عندنا. ومن فرّق بينهما كالراغب الإصبهانيّ (٦) ، قال في المشيئة ما قدّمته. وقال في الإرادة : والإرادة (٧) منه (٨) لا تقتضي وجود المراد لا محالة ، ألا ترى أنه قال : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(٩). وقال : (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ)(١٠). وقال : ومعلوم أنّه قد تحصل من غير أن تتقدّمها إرادة الله تعالى ، فإنّ الإنسان قد يريد ألّا يموت ، ويأبى الله ذلك ، ومشيئته لا تكون إلا بعد مشيئته لقوله : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ). وروي أنه لما نزل قوله تعالى : (لِمَنْ شاءَ
__________________
(١) المفردات : ٢٧١.
(٢) ١٦ الرعد : ١٣.
(٣) ١٩ الأنعام : ٦.
(٤) يعني الراغب.
(٥) ٣٠ الإنسان : ٧٦.
(٦) المفردات : ٢٧١. والمؤلف يسقط بعض أقوال الراغب.
(٧) ساقطة من س.
(٨) ساقطة من ح. وهذه وسابقتها مذكورتان في المفردات.
(٩) ١٨٥ البقرة : ٢.
(١٠) ٣١ غافر : ٤٠.