ص د ع :
قوله تعالى : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ)(١) أي شقّ قلب من تأمره ، يشير إلى أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر صعب يكاد يشقّ ، وقيل : شقّ جماعاتهم بالتوحيد. وقيل :
إجهر بالقرآن. وقيل : أظهر. وقيل : احكم بالحقّ ، واقصد بالأمر. وكلّها متقاربة. وقال ابن عرفة : أراد فرّق بين الحقّ والباطل. يقال : تصدّع القوم إذا تفرّقوا. وعن ثعلب قال : قال أعرابيّ يحضر مجلس أبي عبد الله ـ وكان أبو عبد الله ربما يأخذ عنه ـ : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) أي أقصد. والعرب تقول : صدعت فلانا : قصدته. وأصل الصّدع الشقّ في الأجسام الصلبة. يقال : انصدع الحديد والزجاج ، صدعته فانصدع ، وصدّعته فتصدّع. وعنه استعير : صدع الأمر أي فصله. ومنه استعير الصّداع : وهو شبه الاشتقاق في الرأس من (٢) الوجع. ومنه قيل للفجر : صديع ، وصدعت الفلاة : قطعتها. وتصدّع القوم : تفرّقوا. قوله : (يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ)(٣) أي يتفرّقون : (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ)(٤). وصدعت
__________________
ـ تصدق دون شاهد. والتحقيق أن ذلك لما لم يكن على قياس المصادر قيل له اسم المصدر كما في اسم الجمع ، كذا في «كشف الكشاف». أقول : أما الاسميّ من المصدر ففي المشهور بمعنى الأثر أو المفعول. لكنه قال في «الصحاح» : العرف إنصافه الاعتراف. ومنه قولهم : له علي ألف عرف ، أي اعتراف وهو تأكيد. وأما الحاصل بالمصدر فقد ذكره ... في مسألة خلق الأعمال من «شرح المقاصد» : المراد بأفعال العباد المختلف في كونها بخلق العبد أو بخلق الرب تعالى هو ما يقع بكسب العبد ويستند إليه كالصلاة والصوم ونحو ذلك مما يسمى بالحاصل بالمصدر لا اسم المصدر ، وقال في أول بحث المقدمات الأربع في «التلويح» : إن كثيرا من المصادر مما يحصل به الفاعل معنى ثابت قائم به كما إذا قام فحصل له هيئة هي القيام ، أو نسخي فحصل له صفة هي الحرارة بلفظ الفعل وكثير من صيغ المصادر قد يطلق على نفس اتباع الفاعل ، ذلك الأمر وهو المعنى المصدري ويسمى تأثيرا كإحداث الحركة وإيجادها في ذات الموقع والمحدث ، فإنه يحركه كإيقاع الحركة في جسم آخر حتى يكون تحريكا ، وكإيقاعه القيام والقعود في ذاته. وقد يطلق على الوصف الحاصل من المصدر ، ويكون وصفا كالقيام أو كيفية كالحرارة. ثم إن الفرق بين أن والفعل وصريح المصدر أن المصدر جملة لاحتماله الفاعل والمفعول ونفس المصدر ، والفعل يفصح عن ذلك كله مع بيان الزمان بصيغته. وليس في صيغة المصدر شيء من ذلك.
(١) ٩٤ الحجر : ١٥.
(٢) وفي الأصل : مثل ، ولعلها كما ذكرنا.
(٣) ٤٣ الروم : ٣٠.
(٤) ٧ الشورى : ٤٢.