تعالى : (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ)(١) أي من تجافى عنه. قوله : (وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ)(٢) فإنه أجرى ما يتسامح به للمعسرين مجرى صدقة. ومنه ما روي عنه عليه الصلاة والسّلام : «ما تأكله العافية صدقة» (٣). ومثله قوله تعالى : (وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا)(٤) سمّى إعفاءهم صدقة. قوله : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً)(٥) أي مهورهنّ ، مأخوذ من الصّدقة ، وفيه تنبيه على أنّ في إعطائه أجرا كما في إعطاء الصدقة. وقد أثبت الشارع ذلك في النفقة الواجبة كقوله عليه الصلاة والسّلام : «حتى اللقمة تضعها في في امرأتك».
يقال : صداق المرأة وصداقها وصدقتها. وقد أصدقتها ، أي أعطيتها صداقا وسميته لها. قوله تعالى : (فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ)(٦) من الصدقة. وقال الراغب (٧) : من الصّدق أو الصّدقة ، وليس بذاك. قوله : (إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً)(٨) أي بليغا فيه. وهو من كثر منه الصدق. وقيل : من لم يكذب قطّ. وقيل : من لم يتأتّ منه كذب لتعوّده الصّدق. وقيل : من صدق بقوله واعتقاده وحقّق صدقه بفعله ، وهذه هي درجة الأنبياء ، ولذلك وصف بالصديقيّة خليله فقال : (إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا). وقال تعالى : (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ)(٩) فهم دون الأنبياء في الفضيلة ، إذ لا فضيلة عندنا توازي النبوة خلافا لقوم خالين من المتصوّفة. قوله : (وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ)(١٠) قيل : لو كانت نبية لوصفها بها ، إذ في مقام المدح إنما يوصف بالأكمل.
__________________
(١) ٤٥ المائدة : ٥.
(٢) ٢٨٠ البقرة : ٢.
(٣) وفي المفردات : ٢٧٨ «... فهو صدقة».
(٤) ٩٢ النساء : ٤.
(٥) ٤ النساء : ٤.
(٦) ١٠ المنافقين : ٦٣.
(٧) المفردات : ٢٧٨.
(٨) ٤١ مريم : ١٩.
(٩) ٦٩ النساء : ٤.
(١٠) ٧٥ المائدة : ٥.