وصدق : يتعدّى للثاني بنفسه بحرف الجرّ مثل كذب. تقول : صدقته الحديث وفي الحديث. قال تعالى : (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ). قوله : (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ)(١) قرئ بالتشديد من التصدّق (٢) ، وبالتخفيف من تصديقهم ما [جاء به](٣) رسولهم وكتابهم ، ومن جملته الصدقة. والمصدّق أيضا : الذي يأخذ الصدقات كالعامل ، وليس مرادا هنا (٤).
ص د ي :
قوله تعالى : (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً)(٥). التّصدية : التصويت بتصفيق وغيره. ومنه الصّدى : وهو ما يسمعه المصوّت في الأماكن الخالية ذوات الأجرام الصلبة كالعمران والكهوف في الجبال والبيوت المكلّسة. وقيل : الصّدى : صوت يرجع من مكان صقيل. والتّصدية : كلّ صوت يجري مجرى الصّدى في أن لا غناء فيه. فقوله تعالى : (إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً) أي غناء ما يوردونه غناء الصّدى ، ومكاء الطير. والتّصدّي : أن يقابل الشيء مقابلة الصّدى ، أي الصوت الراجع من الجبل. وقد مرّ أنّ أصله صدد.
__________________
(١) ١٨ الحديد : ٥٧.
(٢) قرأ عاصم بالتخفيف للصاد ، وقرأها آخرون بالتشديد لها. وهي في قراءة أبي : إن المتصدّقين بتاء ظاهرة (معاني القرآن للفراء : ٣ ١٣٥).
(٣) إضافة يقتضيها السياق.
(٤) جاء في هامش الورقة ١٩٣ من النسخة ح : فائدة : اعلم أن في التصديقات ثلاثة مذاهب ؛ الأول مذهب الحكماء وهو أن التصديق عبارة عن نفس الحكم ، والحكم يطلق على معنيين : الأول النسبة بين بين. الثاني إسناد أمر إلى آخر إيجابا أو سلبا وهو بالمعنى الثاني عين التصديق عندهم ، لكن يشترط في وجوده ثلاث تصورات : تصور المحكوم عليه وبه والنسبة لحكمه. الثاني ما اشتهر من مذهب الإمام وهو أن التصديق عبارة عن مجموع التصورات الأربعة : تصور المحكوم عليه وبه والنسبة والتصور الذي هو الحكم. الثالث المستحدث وهو مذهب من قال إن التصديق عبارة عن التصور مع الحكم على أن يكون الحكم خارجا عن التصديق عارضا له. ثم اعلم أن الحق هو أن التصديق عبارة عن الحكم لأن الغرض من تقسيم العلم إليهما امتياز كل منهما عن الآخر بطريق يوصل إليه. وهذا إنما يحصل إذا كان عبارة عن الحكم فقط. وأما أن جعل التصديق عبارة عن المجموع أو الإدراكات المعروضة للحكم فيتجه عليه أنه ليس لشيء منهما موصل محض بل التصورات الثلاثة إنما تكتسب بالقول الشارح والحكم وحده بالحجة فلا فائدة في ضمه إليها وجعل المجموع قسما من العلم ، هكذا قيل.
(٥) ٣٥ الأنفال : ٨. المكاء والتصدية : الصفير والتصديق.