فصل الصاد والعين
ص ع د :
قوله تعالى : (إِذْ تُصْعِدُونَ)(١) الصعود : الذهاب في المكان العالي. والصّعود والحدور بالفتح أيضا. قال الراغب (٢) : هما بالذات واحد وإنّما يختلفان بحسب الاعتبار بمن يمرّ فيهما (٣) فمتى كان المارّ صاعدا يقال لمكانه صعودا ، وإذا كان منحدرا يقال لمكانه حدورا. والصّعد والصّعود والصّعيد في الأصل واحد ، لكن الصّعد والصّعود يقالان للعقبة ، ويستعار لكلّ شاقّ. قال تعالى : (يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً)(٤) أي شاقّا. وقوله : (سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً)(٥) أي عقبة كؤودا. يروى أنه كلما صعد أعلاها تقطّعت يداه ورجلاه فيهرول منها إلى أسفلها ، ثم تثبّت يداه ورجلاه ، ولا يزال يعذّب بذلك. والصّعيد يقال لوجه الأرض. وقيل : بل هو الغبار الصاعد من وجهها ، ولذلك يشترط في التيمّم أن يعلق بيده غبار. وأما الإصعاد فقد قيل : هو الإبعاد في الأرض سواء كان في صعود أو حدور ، وإن كان أصله من الصّعود وهو الارتقاء نحو تعال ، فإنه في الأصل الدعاء من مكان مستفل إلى مكان عال. ثم قيل في مطلق الإتيان ، حتى يقال لمن هو عال : تعال أسفل. فقوله : (إِذْ تُصْعِدُونَ) أي في الجبل. وقيل : المراد مجرد الذهاب. وقيل : لم يقصد الإبعاد في الأرض ، وإنما أشار إلى علوّهم فيما تحرّوه وأتوه كقولهم : أبعدت في كذا ، وارتقيت فيه كلّ مرتقى. فكأنه قال : إذا بعدتم في استشعار الخوف والاستمرار على الهزيمة. وقرئ : تصعدون ـ بضم التاء ـ على مجرد الذهاب ـ وبفتح التاء والعين ـ على معنى الارتقاء في الجبل والتوغّل فيه فرارا من العدوّ. والظاهر أنّ القراءتين بمعنى واحد على ما قدّمناه (٦).
__________________
(١) ١٥٣ آل عمران : ٣.
(٢) المفردات : ٢٨٠.
(٣) وفي الأصل : وفيه.
(٤) ١٧ الجن : ٧٢.
(٥) ١٧ المدثر : ٧٤ ، أي مشقة من العذاب.
(٦) قرأ أبو حيوة «إذ تصعّدون» بفتح التاء وتشديد العين. وقرأ كما في النص أبي بن كعب وابن محيصن (مختصر الشواذ : ٢٣). وقرأ الحسن البصري : «إذ تصعدون» (معاني القرآن للفراء : ١ ٢٣٩).