فصل الصاد والفاء
ص ف ح :
قوله تعالى : (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً)(١) أي إعراضا ، والمعنى أفنعرض عنكم إعراضا فلا ندعوكم؟ يقال : صفحت عنه ، أي أعرضت ، وأصله من أوليته صفحة وجهي وصفحة عنقي ؛ لأن المعرض يولي المعرض عنه ذلك ، لأنّ صفح الشيء وصفحته : عرضه ، كصفحة السيف والوجه والحجر. وصفحت عنه ، أي أعرضت عن ذنبه. والصّفح : ترك التّأنيب ، وهو أبلغ من العفو ؛ فقد يعفو الإنسان ولا يصفح. فصفحت عنه : أوليته مني صفحة جميلة معرضا عن ذنبه. ولقيت صفحته متجافيا عنه ، أو تجاوزت الصفحة التي أثبت فيها ذنبه من الكتاب إلى غيرها ، من قولك : تصفّحت الكتاب. فصفحا مصدر من معنى «أفنضرب» أو بمعنى اسم الفاعل ، ونصبه على الحال أي صافحين معرضين. والصّفوح : هي التي تريك أحد صفحتي وجهها دلالا وتحبّبا. قال كثير (٢) : [من الطويل]
صفوح فما تلقاك إلا بخيلة |
|
فمن ملّ منها ذلك الوصل ملّت |
قوله : (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ)(٣) أمر له بالمجاملة ، وهذا ونحوه قيل : هو منسوخ. والظاهر أنه محكم لأنّ هذا خلقه عليه الصلاة والسّلام. وأما القتال فذاك لأجل الإسلام ، ولا تنافي بينهما حتى يقال : نسخ أحدهما الآخر. قوله : (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ)(٤) هو الإحسان إلى من أساء ، وإلا فالصفح الذي يراد به ترك التأنيب والمعاقبة كاف في ذلك.
__________________
(١) ٥ الزخرف : ٤٣.
(٢) قاله في امرأة أعرضت عنه. ورواية الأغاني : ٩ ٢٧ واللسان ـ مادة صفح : صفوحا. والصفوح هنا : المعرضة الصادّة.
(٣) ٨٩ الزخرف : ٤٣.
(٤) ٨٥ الحجر : ١٥.