يصطفّون في القتال صفا. وقيل : «ثم ائتوا صفا» أي) (١) الموضع الذي تجتمعون فيه لعيدكم وصلاتكم. قال الأزهريّ : يقال : أتيت الصفّ ، أي أتيت الصلاة. قال : ويجوز أن يكون : ثم ائتوا مصطفين ، ليكون أنظم لكم وأشدّ لهيبتكم.
قلت : لو أراد موضع الصلاة لقال للصفّ لأنه مكان معين. قوله : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا)(٢) قيل : الروح بعينه يقف وحده ، وتقف الملائكة كلّهم أمامه فيساويهم ويسامتهم لعظم خلقه. وقيل : الروح : جبريل ، نصّ عليه لشرفه. قوله تعالى : (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا)(٣) قيل : هم الملائكة ، وهذا هو الظاهر لقوله تعالى حكاية عنهم : (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ)(٤) وذلك لاصطفافهم في عبادة الله من ركوع وسجود وتسبيح وتقديس. وقيل : هم المقاتلة في سبيله صفّا. وقيل : هم المصلّون من المسلمين. وقيل : هي الطير لصفّ أجنحتها. قال تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ)(٥) أي وقابضات.
قوله : (فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَ)(٦) أي مصطفة ، يعني بدن الهدي والضحيّة لأنه أعظم في القربة ، وذلك أن تعقل وتصفّ فتنحر. كان ابن عمر يفعل ذلك ، ومن ثم قرئ صوافن أي قائمة على ثلاث ، وسيأتي. وقرئ صوافي أي خالصة لله لا كما كان المشركون يفعلون (٧). والجمع صفوف. وفي الحديث : «لتسونّ صفوفكم» يعني في الصلاة. والصفيف : اللحم المصفوف ؛ إما لتقديده وإما لشيّه. ومنه حديث ابن الزبير : «كان يتزوّد صفيف الوحش وهو محرم» (٨) ، أي قديدها. وقال امرؤ القيس (٩) : [من الطويل]
__________________
(١) ما بين قوسين ساقط من س.
(٢) ٣٨ النبأ : ٧٨.
(٣) ١ الصافات : ٣٧.
(٤) ١٦٥ الصافات : ٣٧.
(٥) ١٩ الملك : ٦٧.
(٦) ٣٦ الحج : ٢٢.
(٧) تعدّدت القراءات : قرأها عبد الله والحسن «صوافي». وروي عن بعضهم «صواف» مثل جوار «صوافيا» قراءة عمرو بن عبيد. وقرأها ابن مسعود «صوافن» (مختصر الشواذ : ٩٥ ـ معاني القرآن للفراء : ٢ ٢٢٦).
(٨) النهاية : ٣ ٣٧.
(٩) من معلقة امرئ القيس ، الديوان : ٣٨.