ص ف و :
قوله تعالى : (وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى)(١) أي خالص مما يشوبه. والصّفو : الخلوص ، ومنه الاصطفاء افتعال من الصّفو ، وهو تناول صفو الشيء كالاختيار : تناول خيره ، والاجتباء : تناول جبايته. وصفيّ الغنم : ما يصطفيه الإمام لنفسه فيخلص له. قال الشاعر (٢) : [من الوافر]
لك المرباع منها والصّفايا
قوله : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ)(٣) هما موضعان معروفان بمكة ، شرّفها الله تعالى. وأصل الصّفا الحجر الأملس ؛ سمي بذلك لخلوصه مما يشوبه. ومثله الصّفوان في قوله تعالى : (كَمَثَلِ صَفْوانٍ)(٤) الواحدة صفوانة. واليوم الصفوان : الصافي الشمس الشديد البرد. وأصفى الحافر : بلغ الصّفا (٥) ، كقولهم : أكدى أي بلغ كدية. قوله تعالى : (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ)(٦). قيل اصطفاؤه تعالى لبعض عباده قد يكون بإيجاده صافيا من الشّوب الموجود في غيره ، وقد يكون باختياره وحكمه وإن لم يتعرّ (٧) ذلك من الأوّل. ويقال للناقة أو الشاة الغزيرة اللبن وللنخلة الكثيرة الحمل صفيّة. وبنو فلان مصفون ، أي لهم صفايا من ذلك.
قوله : (أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ)(٨) هذا إنكار عليهم قالوا : الملائكة بنات الله ؛ يقول : اختار أخسّ النوعين عندكم وخصّكم بأشرفها.
__________________
(١) ١٥ محمد : ٤٧.
(٢) أنشده عبد الله بن عنمة يخاطب بسطام بن قيس. وعجزه كما في اللسان ـ مادة صفا :
وحكمك والنّشيطة والفضول
(٣) ١٥٨ البقرة : ٢.
(٤) ٢٦٤ البقرة : ٢.
(٥) أي الحجر.
(٦) ٧٥ الحج : ٢٢.
(٧) وفي الأصل : يتغير ، ولعله كما ذكرنا.
(٨) ١٥٣ الصافات : ٣٧.