وعنه ورّى رجل من بني العنبر بجمله الأصهب (١). وستأتي حكايته مستوفاة في باب لحن القول إن شاء الله تعالى.
فصل الصاد والنون
ص ن ع :
قوله تعالى : (صُنْعَ اللهِ)(٢) أي صنعته وخلقه. والصّنع : إجادة الفعل ؛ فكلّ صنع فعل وليس كلّ فعل صنعا. ولا يجوز نسبته إلى الحيوانات غير الآدميين ولا إلى الجمادات. وإن كان الفعل ينسب إليها تقول : فعل الحمار كذا ، وفعل الحجر كذا ، ولا تقول : صنعا. ولا يقال : صنع إلا للحاذق المجيد. وامرأة صناع : تتقن ما تعمله ، ضدّ الخرقاء. وقالت عاتكة بنت عبد المطلب : «إني صناع فلا أعلّم وحصان فلا أكلّم». والصّنيعة : ما اصطنعته من خير. وكني بالمصانعة عن الرّشوة. قوله : (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي)(٣). قيل : الاصطناع : المبالغة في إصلاح الشيء. قوله : (وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي) كناية عن تربيته إلى أن شبّ وبلغ أشدّه ، وجعله بمنزلة الشيء المصنوع بمرتقاه ممّن يصطنعه. فقوله : (عَلى عَيْنِي) ، أي على حفظي لك وكلاءتي إياك ، أي بمرأى مني ومسمع ، كقوله : (إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى)(٤) أي أحفظكما ، وإلا فالباري تعالى يسمع ويرى مع كلّ أحد. وعن بعض الحكماء : أنّ الله تعالى إذا أحبّ عبدا تفقّده كما يتفقّد الصديق صديقه.
قوله : (وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ)(٥) قيل : هي مجاري الماء. وقيل : الأصناع ، واحدها
__________________
(١) وهي حكاية مشهورة عن رجل كّنى عن متاعه بكلام ملحون. ولحن القول يريد هذا الفنّ أو يريد «لحن القول» الآية.
(٢) ٨٨ النمل : ٢٧.
(٣) ٣٩ طه : ٢٠.
(٤) ٤٦ طه : ٢٠.
(٥) ١٢٩ الشعراء : ٢٦.