فصل الصاد والواو
ص و ب :
قوله تعالى : (لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً)(١) أي سدادا من القول. والصواب : ضدّ الخطأ ؛ قيل : وهو يقال على وجهين : أحدهما باعتبار الشيء في نفسه. فيقال : هذا صواب إذا كان مرضيّا محمودا بحسب مقتضى الشرع والعقل ، نحو قولهم : تحرّي العدل صواب والكرم صواب. والثاني يقال باعتبار الفاعل إذا أدرك المقصود بحسب ما يقصده. فيقال : أصاب كذا ، أي وجد ما طلب. نحو أصابه السهم ، وذلك على أنواع. الأول أن يقصد ما يحسن مقصده فيفعله. وذلك هو الصواب التامّ الذي يحمد به. والثاني أن يقصد ما يحسن فعله فيتأتّى منه غيره لتقديره بعد اجتهاده أنه صواب ، وذلك هو المراد بقوله صلىاللهعليهوسلم : «كلّ مجتهد مصيب» (٢) ، وروي : «المجتهد مصيب فإن أخطأ فله أجر» كما روي : «من اجتهد فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر». والثالث أن [يقصد](٣) صوابا فيتأتّى منه خطأ لعارض من خارج نحو : من يقصد رمي صيد فيصيب إنسانا فهذا معذور. والرابع أن يقصد ما يقبح فعله ولكن يقع خلاف ما يقصده فيقال : أخطأ في قصده وأصاب الذي قصده. والصّوب (٤) الإصابة ، ومنه : أصاب سهمه : إذا وقع في الغرض ، فيقال : صابه وأصابه ، نحو : جابه وأجابه.
قوله تعالى : (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ)(٥). الصّيّب : المطر النازل بشدّة من مكان ، من صاب يصوب إذا نزل ؛ قال الشاعر (٦) : [من الطويل]
ولست لإنسيّ ولكن لملأك |
|
تنزّل من جوّ السماء يصوب |
__________________
(١) ٣٨ النبأ : ٧٨.
(٢) الأحاديث الثلاثة في المفردات : ٢٨٨.
(٣) إضافة يقتضيها السياق.
(٤) وفي الأصل : الصواب.
(٥) ١٩ البقرة : ٢.
(٦) الشاهد في اللسان ـ مادة صوب من عير عزو وهو في جمهرة ابن دريد لعبدة بن الطبيب : ٣ ١٧٠.