قوله : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً)(١) ونحوه فيه وجهان : أحدهما أنّ (ضرب) هنا أغنى عن (٢) لفظ المثل خاصة ضرب [الجاري] مجرى صيّر فنصبت مفعولين ، وصيّر الله قرية حقّها كيت وكيت مثلا يعتبر من سمعه كسائر الأمثال (٣). وسيأتي إن شاء الله تفسير المثل. والثاني أنه لم يضمره ذلك ، فقيل : إنه استعير من ضرب الدراهم ، وذلك لأنه ذكر شيء أثره يظهر في غيره. وقال بعضهم : «واضرب لهم مثلا» (٤) أي اذكر ومثّل. وعندي : من الضرب أي من المثل ، وهذا الشيء على اضرب أي على أمثال وأنواع.
وقال الأزهريّ في قوله : (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ) : أصله أنّ الراكب إذا ركب دابة فأراد أن يصرفها إلى جهة ، ضربها بعصا ليعدلها عن جهتها إلى الجهة التي يريدها. فوضع الضرب موضع الصّرف والعدل ، وهو حسن. والاضطراب : كثرة الذهاب في الجهات من الضّرب في الأرض ، وعبر به عن الأشياء المختلفة فقيل : حاله مضطرب أي مختلف. والمضاربة : المقارضة لأنه يسافر غالبا للرّبح. والمضرّبة : ما أكثر بالخياطة ضربه. والتّضريب : حثّ على الضرب في الأرض. فضرب الفحل الناقة ، على التشبيه (٥).
ض ر ر :
قوله تعالى : (فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً)(٦). الضّرّ والضّر والضّرر : سوء الحال ، إمّا في النفس لقلة العلم والفضل والعفّة ، وإما في البدن لفقدان جارحة ، وإما في حالة ظاهرة من قلّة مال وجاه. والضرّ ضدّ النفع. قوله : (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً)(٧) تنبيه على قلّة مبالاتهم بهم ، وأنّهم لا ينالهم من ضررهم إلا هذا القدر اليسير والمقصود الأعظم وهو عليكم
__________________
(١) ١١٢ النحل : ١٦.
(٢) في الأصل : مع ، والتركيب بعده مضطرب وإن كان واضح المعنى. والإضافة بعده يقتضيها السياق.
(٣) وفي س : الإمساك.
(٤) ١٣ يس : ٣٦.
(٥) يقصد : على التشبيه بالطرق بالمطرقة.
(٦) ٤٢ المائدة : ٥.
(٧) ١١١ آل عمران : ٣.