باب الطاء
فصل الطاء والباء
ط ب ع :
قوله تعالى : (بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها)(١) قد تقدم في مادة الجيم أنّ ذلك حقيقة عند بعضهم مجاز عند آخرين ، وهل هو من مجاز التّخييل أو التمثيل. وقد فسّر كثير من الناس الطبع بالختم وليس كذلك ؛ فإنّ الطبع أن تصوّر الشيء بصورة ما كطبع الدراهم بالسكّة. قال بعضهم : هو أعمّ من الختم وأخصّ من النّقش والطابع والخاتم ـ بالفتح ـ ما يطبع به ويختم كالقالب لما يقلب فيه ـ وبالكسر ـ (٢) هو الفاعل لذلك لأنه اسم فاعل. وقد قيل للطابع بالفتح طابع بالكسر نسبة للفعل لدلالته نحو : سيف قاطع. والطبيعة : السّجية التي طبع عليها الإنسان تصويرا أنه نقش ذلك فيه. ومنه الحديث : «طبع يوم طبع كافرا» (٣) وهو كالفطرة. وقيل للسجيّة طبيعة من حيث إنّ النفس تنتقش بصورة ما ؛ إمّا من حيث الخلقة وإمّا من حيث العادة وهو فيما ينتقش به من حيث الخلقة أغلب. وطبيعة النار : ما سخّره الله تعالى فيها من الإحراق ، وطبيعة الدّاء والدواء : ما سخّره الله فيهما من السّقم. والطباع بمعنى الطبيعة أيضا ، ومنه قول المتنبي (٤) : [من المتقارب]
وتأبى الطّباع على الناقل
وقيل : الطّباع : ما ركّب عليه الإنسان من المأكل والمشرب وسائر الأخلاق التي لا تزايله. قيل : والطباع مؤنثة فيقال : طباعه حسنة ، وطباعك كريمة لأنّه بمعنى الطبيعة فأنّث. وطبعت المكيال : ملأته ، لكون الملء كالعلامة المانعة من تناول ما فيه. والطّبع المطبوع ،
__________________
(١) ١٥٥ النساء : ٤.
(٢) يعني بكسر الباء والتاء.
(٣) صحيح مسلم ، القدر : ٢٩ ، أي أن الطبع كالفطرة.
(٤) عجز بيت للمتنبي ، وصدره : يراد من القلب نسيانكم.