ولا تستعمل الدراية في الله تعالى ، كما لا يجوز ذلك في العرفان ، لما بينّاه في غير هذا الكتاب ، ولما سيأتي في مادّة العين إن شاء الله تعالى. فأمّا قوله (١) : [من الرجز]
لا همّ لا أدري وأنت الدّاري (٢)
قال الراغب : فمن تعجرف أجلاف العرب. قلت : ومثله قول الآخر : [من الطويل]
فلم يدر إلا الله ما هيّجت لنا |
|
عشيّة آناء الديار وشامها |
قيل : وكلّ موضع ورد في القرآن بلفظ (وَما أَدْراكَ) فإنه وقع بعده بيانه نحو : (وَما أَدْراكَ ما هِيَهْنارٌ حامِيَةٌ)(٣). وكلّ موضع لفظ فيه «وما يدريك» لم يعقّبه بذلك نحو : (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ)(٤).
__________________
(١) من شواهد اللسان ـ مادة دري ، وورد الشطر في المفردات : ١٦٩. وعجزه :
كلّ امرئ منك على مقدار
(٢) في الأصل : تدري ، والتصويب من المصدرين.
(٣) ١٠ و ١١ القارعة : ١٠١.
(٤) ١٧ الشورى : ٤٢.
جاء في هامش ح تعقيب على المداراة من غير خط الناسخ : «المداراة والمداهنة. المداراة مندوب إليها ، بخلاف المداهنة فإنها محّرمة. وليست المداراة مطلوبة في كلّ مقام وكل حال بل حيث تكون لجلب نفع أو رفع ضرر ، ربما كان المستعمل لما يظن مداراة في غير موضعها مداهنا حيث لم يظهر منه ما يدلّ على عدم الرضا بتلك الحالة. ولذا قال ابن بطّال لمن يعقبهم إن المداراة هي المداهنة ، والفرق أن المداهنة من الدهان وهو الذي يظهر على الشيء ، ويستر باطنه. وفسّرها العلماء بأنها معاشرة الفاسق وإظهار الرضى بما هو فيه من غير إنكار عليه. والمداراة هي الرفق بالجاهل في التعليم وبالفاسق في النهي عن فعله وترك الإغلاظ عليه حيث لا يظهر ما هو فيه والإنكار عليه بلطف القول والفعل سيما إذا دعت الحاجة إلى تألفه أو كان لا ينجع فيه إلا مثل ذلك ، أو المداراة بدل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين أو هما معا. والمداهنة : ترك الدين لصلاح الدنيا ، والسيء من بذل ماله في دنياه ... والرفق في مكالمته. ومع ذلك فلم يمدحه بقول ، فلم يناقض قوله فيه فعله في قوله لرجل : بئس أخو العشيرة. وفي حديث «إنه أحمق مطاع» وصله الطبرانيّ ...».