ويطلق على المعبود بغير حق (أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ). وقول الآخر (١) : [من الطويل].
أربّ يبول الثّعلبان برأسه |
|
لقد هان من بالت عليه الثّعالب |
ولنا فيه كلام أطول من هذا. واختلف فيه ؛ هل هو صفة ذات أم صفة فعل. وفي حديث أشراط الساعة «أن تلد الأمة ربّها أو ربّتها» (٢) هو أن يكثر التّسرّي فيولد الرجل أمته ولدا فهو مولاها في المعنى (٣). قوله : (وَالرَّبَّانِيُّونَ)(٤) جمع ربّاني منسوب إلى لفظ الربّ بمعنى التّربية ، وذلك أن العلماء يربّون العلم أي يصلحونه ويتعلمونه ، ثم يربّون به الناس فيعلّمونهم كما تعلّموا ويصلحونهم كما صلحوا هم به ، وهم الذين يربّون بصغار العلوم قبل كبارها ؛ فهو من لفظ الرّبّيّة ومعناها. ولمّا توفي الحبر البحر ابن عباس رضي الله عنهما قال السيد محمد ابن الحنفيّة : «مات ربّانيّ هذه الأمة» (٥).
وقوله : (وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ)(٦) أي علماء حلماء يعلّمون الناس ويربّونهم كما علّمكم غيركم وربّاكم. ولذلك نبّههم على ذلك حيث قال : (بِما كُنْتُمْ) وزيدت الألف والنون في النسب مبالغة كقولهم : لحيانيّ وجبّانيّ في الكبير اللحية والجبّة. وقوله : (مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ)(٧) جمع ربّيّ وهو العالم أيضا. قيل : هو نسبة إلى الرّبّ غيرّ (٨) في النّسب نحو دهري ، وقيل : منسوب إلى الرّبّة وهي الجماعة (٩). وقيل : الرّبّانيّ منسوب إلى ربّان بني [على](١٠) فعلان من ربّ كما في عطشان من عطش (١١). وقال عليه الصلاة والسّلام : «أنا
__________________
(١) البيت لعباس بن مرداس ، وقيل لغيره (اللسان ـ مادة ثعلب). وفيه : لقد ذلت.
(٢) النهاية : ٢ ١٧٩.
(٣) يقصد : أن الأمة تلد لسيدها ولدا فيكون لها كالمولى.
(٤) ٤٤ المائدة : ٥. زعم أبو عبيد أن الكلمة عبرانية أو سريانية (اللسان ـ ربب).
(٥) النهاية : ٢ ١٨١.
(٦) ٧٩ آل عمران : ٣.
(٧) ١٤٦ آل عمران : ٣.
(٨) لعل في النص نقصا ، ولعله يريد : هو نسبة إلى الرب على غير قياس في النسب.
(٩) وفي اللسان : الربة : الفرقة من الناس ، قيل : هي عشرة آلاف أو نحوها ، والجمع رباب.
(١٠) إضافة يقتضيها السياق.
(١١) وذلك بزيادة الألف والنون للمبالغة.