الإكراه ، ويعبّر به عن الإخفاء أيضا. وقيل في المثل : «ليس الهناء بالدّسّ» (١). يقال : دسّ البعير بالهناء.
قوله تعالى : (وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها)(٢) من ذلك ، والأصل دسّسها بمعنى أحملها وأخفاها عن حظّها الوافر. وكلّ شيء أخفيته وقلّلته فقد دسسته ، وهل الفاعل ضمير من؟ أي : من اخمل نفسه وتعاطى ما أخملها به (٣) ، أو الله تعالى لأنّه يفعل ما يشاء؟ قولان شهيران. وإنما أبدل من أحد الأمثال جزء ليّن تخفيفا نحو : قضّيت أظفاري : [من الرجز]
تقضّي البازي إذا البازي كسر (٤)
فصل الدال والعين
د ع ع :
قوله تعالى : (فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ)(٥) ، أي يدفعه في صدره بعنف. والدعّ : الدفع الشديد ، ومنه أيضا : (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا)(٦). قال الراغب : وأصله أن يقال للعاثر : دع دع ، كما يقال له : لعا. قلت : لو كان كما قال لقيل : يدعدعون ويدعدع ، هذا من جهة اللفظ. وأما من جهة المعنى فلا يصحّ أيضا.
__________________
(١) مثل ذكره الزمخشري (المستقصى : ٢ ٣٠٤) وهو أن تطلى مشاعر الإبل ، يراد أنه لا يقتصر من الهنء بطلي مواضع الجرب وإنما يجب أن يعم جميع جسده لئلا يتعدى الجرب موضعه يضرب فيمن يتبلغ في قضاء حاجة صاحبه ولا يبالغ.
(٢) ١٠ الشمس : ٩١.
(٣) أخملها بترك الصدقة والطاعة.
(٤) الرجز للعجاج ، ديوانه : ١ ٤٢ ، اللسان ـ مادة ظفر. وهو في وصف باز. وكان الأصل «تقضّض» فاستثقل اجتماع الضادين فأبدل من الثانية ياء.
(٥) ٢ الماعون : ١٠٧.
(٦) ١٣ الطور : ٥٢.