ذنبها إرسال السّتر. فإن قلت : كيف يجمع بين هذه الآية وبين قوله : (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً)(١) فالعصوف : الشدّة ، والرّخاوة : اللّين؟ فالجواب أنها في أول خروجها تكون شديدة ثم تسلسل وتسترخي. أو أنها في تسييرها ما تحمله بمنزلة العاصفة لبعد مسافة مسيرها. وفي عدم إزعاج ما تحمله بمنزلة الرّخاء. يعني أنها جامعة بين هذين المعنيين.
فصل الراء والدال
ر د أ :
قوله تعالى : (مَعِي رِدْءاً)(٢) أي معينا. والرّدء في الحقيقة : التابع لغيره معينا له. والرّديء كالرّدء ، إلّا أنه غلب استعماله في المتأخّر المذموم. يقال : ردؤ يردؤ رداءة فهو رديء. وقرأ نافع «ردا» من غير همز (٣) ، فقيل : أصله الهمز ولكنّه نقل حركة الهمزة كما نقل ابن كثير في القرآن دون غيره (٤). وقيل : هو الزّيادة من قولهم : ردأت الغمّ ، يردئ على المئة ، أي يزيد ، ذكره الفّراء.
ر د د :
قوله تعالى : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا)(٥). الردّ : في الأصل : صرف الشيء بذاته أو بحالة من أحواله عمّا هو عليه ؛ فمن الأوّل قوله : (وَلَوْ رُدُّوا) ، ومن الثاني : (يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ)(٦). قوله : (وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ)(٧) أي لا دافع ولا مانع ولا صارف. وقيل في قوله : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا) قولان أحدهما : ردّهم إلى ما أشار إليه بقوله : (مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ)(٨). والثاني : ردّهم إلى الحياة المشار إليها بقوله : (وَمِنْها
__________________
(١) ٨١ الأنبياء : ٢١.
(٢) ٣٤ القصص : ٢٨.
(٣) وهي قراءة أهل المدينة (معاني القرآن للفراء : ٢ ٣٠٦).
(٤) حيث إنه قرأها من غير همز «قران». وقال أبو بكر بن مجاهد المقرئ : كان أبو عمرو بن العلاء لا يهمز القرآن ، وكان يقرؤه كما يروى عن ابن كثير (اللسان ـ مادة قرأ)
(٥) ٢٨ الأنعام : ٦.
(٦) ١٤٩ آل عمران : ٣.
(٧) ١٠٧ يونس : ١٠.
(٨) ٥٥ طه : ٢٠.