أي بدل التحية ، ومثله قوله تعالى : (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ)(١) وذلك أنهم كانوا يأتون البيت والقرآن يتلى فيصفرون بأيديهم ويلغون كما أخبر عنهم بقوله : (وَالْغَوْا فِيهِ)(٢) يقصدون بذلك الغلبة ، وقد غلبوا وانقلبوا صاغرين. وقد نبّه بقوله : (إِلَّا مُكاءً) أنّ ذلك منهم جار مجرى مكاء الطير في قلّة الغناء.
والمكّاء : طائر. والمكّ : طائر معروف.
فصل الميم واللام
م ل أ :
قوله تعالى : (قالَ الْمَلَأُ)(٣) الملأ : الأشراف ، سموا بذلك لأنّهم يملؤون القلوب هيبة والعيون جلالة. وهو اسم جمع كالبقر ، وجمع على أملاء ، نحو أبناء ، وقيل : سمي الرؤساء بذلك لأنّهم ملأى بالرأي والعناء. والملأ جمع مليء ، وقيل : الملأ : القوم يجتمعون على رأي فيملؤون القلوب هيبة. ثم أطلق على كلّ جماعة لأنّهم كانوا يتمالؤون على ما يريدون ، أي يتعاونون. وقد مالأته على كذا ، أي ظاهرته ووافقته عليه. قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه : «لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به» (٤) وقال أيضا : «والله ما قتلت عثمان ولا مالأت على قتله» (٥) ولقد والله صدق. ويقال : مالأته ، أي صرت من ملئه وجمعه ، نحو شايعته أي صرت من شيعته.
والملاءة : الزّكام الذي يملأ الدّماغ. والملاءة ـ أيضا ـ الملحفة ، وأما الملاوة (٦) بالواو فالقطعة من الزمان غير ما نحن فيه. وحكى فلانا وأملى.
__________________
(١) ٨٢ / الواقعة : ٥٦.
(٢) ٢٦ / فصلت : ٤١.
(٣) ٦٦ / الأعراف : ٧ ، وغيرها.
(٤) النهاية : ٤ / ٣٥٣ ، وفيه أن الحديث لعمر لا لعلي. وفي روايته : «لأقدتهم» أي ساعدتهم. والصواب : لأخذت منهم القود (القصاص).
(٥) المصدر السابق والحديث لعلي كما ورد ، أي ولا ساعدت.
(٦) مثلثة الميم.