قوله : (وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ)(١) يعني : لأجعلنّ لهم أمنيّة بما أشهّبهم فيه من أمور الدنيا. ووزن أمنيّة أفعولة ، وأصلها : أمنوية كأعجوبة ، فأدغمت بعد القلب كمرمى. وقيل : إنما قيل للقارىء متمنيا ، وللقراءة تمنّيا ، لأنه إذا مرّ بآية رحمة تمنّى دخولها ، وبآية عذاب تمنّى دفعه. وقال بعضهم : كأنّ المنى مقلوب من المين ، بمعنى أنّ التمني يكون كذبا كما تقدّم تقريره. والمين : الكذب ، فيقال : منى يمني ، ومان يمين ، أي كذب. والتحقيق ما قدّمناه.
فصل الميم والهاء
م ه د :
قوله تعالى : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً)(٢) المهاد والمهد : المكان الموطّأ ، من مهّدت الأرض ، ومهدتها ، أي وطّأتها ، وقرىء في طه : (مَهْداً) و (مِهاداً)(٣) فالمهاد كالفراش ، والمهد كالفرش ، وزنا ومعنى.
قوله : (وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً)(٤) أي وطّأت له على سبيل الاستدراج لا الإكرام ، (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً)(٥). وقد اغترّ كثير من معاصرينا بما منّ الله عليهم كأنّهم صمّوا عن هذه الآيات.
قوله : (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ)(٦) أي في حال طفوليّتك ، فليس المهد مقصودا بالظرفية الحقيقية ، ولذلك عطف على محلّه حالا أخرى ، حسبما بينّاه في كتبنا الإعرابية. وامتهد السّنام : تسوّى فصار لحمها كمهاد ومهد.
قوله : (فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ)(٧) أي يوطئون ، كنّى بذلك عن الاستعداد ليوم اللقاء.
__________________
(١) ١١٩ / النساء : ٤.
(٢) ٦ / النبأ : ٧٨.
(٣) ٥٣ / طه : ٢٠.
(٤) ١٤ / المدثر : ٧٤.
(٥) ١٧٨ / آل عمران : ٣.
(٦) ٢٩ / مريم : ١٩.
(٧) ٤٤ / الروم : ٣٠.