فصل النون والباء
ن ب ا :
قوله تعالى : (وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ)(١) أي ، من أخبارهم / مع قومهم. والنّبأ : الخبر ، كذا فسّره الهرويّ وغيره. ولم يكتف الراغب (٢) بذلك ، بل قيّده بثلاثة أمور فقال : النبأ خبر ذو فائدة عظيمة ، يحصل به علم أو غلبة ظنّ ، قال : ولا يقال للخبر في الأصل نبأ حتى يتضمّن هذه الأشياء الثلاثة. وحقّ الخبر الذي يقال فيه نبأ ، أن يتعرّى عن الكذب ، كالتواتر وخبر الله وخبر الرسول. قال : ولتضمّن النبأ معنى الخبر يقال : أنبأته بكذا أي أخبرته به ، ولتضمّنه معنى العلم قيل : أنبأته كذا كقولك : أعلمته كذا. قال تعالى : (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ)(٣).
قلت : أنبأ ونبّأ ، وأخبر وخبّر متى تضمّنت معنى أعلم تعدّت لثلاثة مفاعيل. وهي نهاية التعدّي. وأمّا أعلمته بكذا فتلضمّنه معنى الإحاطة.
قوله : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)(٤) فيه تنبيه أنّه إذا كان الخبر شيئا عظيما له قدر ، فحقّه أن يتثبت فيه ويتيقّن ، وإن غلب صحته على الظنّ حتى يعاد النظر فيه.
قيل : ونبّأته أبلغ من أنباته ، ولذلك قال تعالى : (مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ)(٥) ، ولم يقل : أنبأني. فنزل ذلك على أنّه من قبل الله تعالى.
قوله : (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ)(٦) قيل : هو ما أخبر به من أمر يوم القيامة. قوله (عَمَّ يَتَساءَلُونَ)(٧) قيل : هو القرآن ، وقيل : أمر القيامة. قوله (نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ)(٨) أي خبّرنا.
__________________
(١) ٣٤ / الأنعام : ٦.
(٢) المفردات : ٤٨١.
(٣) ٦٧ و ٦٨ / ص : ٣٨.
(٤) ٦ / الحجرات : ٤٩.
(٥) ٣ / التحريم : ٦٦.
(٦) ٦٧ / ص : ٣٨.
(٧) ١ / النبأ : ٧٨ ، والمقصود هو الآية التالية : «عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ».
(٨) ٣٦ / يوسف : ١٢.