وذلك لأنه أمر عظيم عند ما رأيا ما رأيا. قوله (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ)(١) أي ، لتجازينّهم بأمرهم. فعبّر بذلك عن المجازاة ، لأنّ المجازى غالبا يؤنّب من مجازيه. والعرب تقول لمن تتوعدّه : لأنبئنّك. ومثله قوله تعالى : (فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا)(٢) أي ، لنقرعنّهم.
والنبيّ قرىء بالهمز وبغير الهمز ؛ فمن همزه جعله من النبأ. وهو فعيل بمعنى مفعول ، لأنه منبأ من جهة الله تعالى ومخبّر. وقيل : بمعنى فاعل ، لأنه ينبىء الإنسان بما أوحي إليه. ويدلّ على ذلك أعني أنّ الهمز جمع لفظه على نبآء قال (٣) : [من الكامل]
يا خاتم النّبآء إنك مرسل
وقد أنكر بعضهم هذه القراءة. وليس بمصيب ، لحديث رواه ، وهو أن رجلا قال : «يا نبيء الله ، فقال : لست بنبيء الله ، ولكن نبيّ الله» (٤). وقد ذكرنا هذا مستوفى في «العقد» و «الدرّ» وغيرهما ، فعليك باعتبار ثمّة. ومن قرأه غير مهموز فمن نبا ينبو. وسيأتي في مادته.
ن ب ت :
قوله تعالى : (وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً)(٥) هذا مجاز عن .. (٦) أي ، ربّاها تربية. والنبت : والنبات : ما يخرج من الأرض من النّاميات ، سواء كان له ساق كالشجر أو (٧) لم يكن كالنجم. ولكن اختصّ في التعارف بما لا ساق له. قال الراغب (٨) : بل اختصّ عند العامة
__________________
(١) ١٥ / يوسف : ١٢.
(٢) ٥٠ / فصلت : ٤١.
(٣) صدر للعباس بن مرداس كما في اللسان ـ مادة نبأ. وعجزه :
بالخير ، كلّ هدى السبيل هداكا
(٤) النهاية : ٥ / ٣ ، وقد قال له (صلىاللهعليهوسلم): «لا تنبر باسمي إنما أنا نبي الله».
(٥) ٣٧ / آل عمران : ٣.
(٦) بياض في الأصل ، ولعل النقص : التربية.
(٧) وفي الأصل : أم.
(٨) المفردات : ٤٨٠.