نفسه كقوله : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ)(١)(إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ) إلى غير ذلك.
قال الراغب (٢) : وما ورد في القرآن من إخبار الله عن نفسه بقوله : (نَحْنُ) فقد قيل : هو إخبار عن نفسه وحده ، لكن يخرج ذلك مخرج الإخبار الملوكيّ. وقال بعض العلماء : إنّ الله تعالى يذكر مثل هذه الألفاظ ، إذا كان الفعل المذكور بعده يفعل بواسطة بعض ملائكته أو بعض أوليائه. فيكون «نحن» عبارة عنه تعالى وعنهم ، وذلك كالوحي ونصرة المؤمنين وإهلاك الكافرين. ونحو ذلك.
وقوله : / (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ)(٣) يعني وقت المحتضر حين يشهده الرسل المذكورون. في قوله : (تَوَفَّاهُمُ [الْمَلائِكَةُ])(٤) وقوله (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ) فما (٥) كان ذلك بواسطة القلم واللوح وجبريل كالوحي ونصرة المؤمنين وإهلاك الكافرين ، ونحو ذلك مما تتولاه الملائكة المذكورون بقوله : (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً)(٦)(فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً)(٧).
فصل النون والخاء
ن خ ر :
قوله تعالى : (كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً)(٨) أي بالية. من قولهم : نخرت الشجرة ، أي بليت حتى سمع فيها نخير الريح ، أي صوتها. يقال : نخر ينخر نخرا ونخيرا ، فهو نخر ، أي بلي ورمّ. وقد قرىء ناخرة (٩) وذلك نحو : حذر وحاذر. وقد قرىء للجميع حذرون ، وحاذرون (١٠). ولكن فعل أبلغ من فاعل.
__________________
(١) ٩ / الحجر : ١٥.
(٢) المفردات : ٤٨٥ ،
(٣) ٨٥ / الواقعة : ٥٦.
(٤) ٩٧ / النساء : ٤.
(٥) الفاء زائدة للتزيين والجملة مؤخرة ، أي هو يرفض تأويل بعض العلماء.
(٦) ٥ / النازعات : ٧٩.
(٧) ٤ / الذاريات : ٥١.
(٨) ١١ / النازعات : ٧٩.
(٩) روي أن عمر بن الخطاب قرأها كذلك ، وقرأها علي «نخرة» (معاني القرآن للفراء : ٣ / ٢٣١).
(١٠) قرأها ابن مسعود وابن ذكوان وهشام وعاصم وحمزة والكسائي ، وقرأها الباقون (حذرون) (في سورة ـ