فصل النون والذال
ن ذ ر :
قوله تعالى : (أَأَنْذَرْتَهُمْ) أي أأعلمتهم (١) إعلاما بتخويف؟ فهو أخصّ من الإعلام ، إذ كلّ إنذار إعلام ، من غير عكس. وهو يتعدّى باثنين لنفسه فقال (إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً) (٢) (فَقُلْ : أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً) (٣). فالمفعول الثاني يجوز أن يكون محذوفا ، أي أأنذرتهم (٤) العقاب أم لم تنذرهم إياه. والظاهر أنه غير مراد فحذفه إقتصادا لا اختصارا ، نحو : (كُلُوا وَاشْرَبُوا)(٥).
قال ابن عرفة : الإنذار الإعلام بالشيء الذي يحذر منه. وكلّ منذر معلم. وليس كلّ معلم منذرا. وهنا موافق لما قلناه ؛ يقال : أنذرته فنذر ينذر.
قوله (وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ) (٦) هو الرسول ؛ فعيل بمعنى مفعل. وقيل : هو الشّيب. وقيل : القرآن. ويكون النذير أيضا بمعنى الإنذار ، فيكون اسما ووصفا. ومنه قوله تعالى : (كَيْفَ نَذِيرِ) (٧) أي إنذاري.
قوله : (وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ) (٨) جمع نذير نحو رغيف ورغف. والمراد به المصدر. وجمع لاختلاف أنواعه. قال الراغب (٩) : والنذير : المنذر ؛ ويقع على كلّ شيء فيه إنذار ، إنسانا كان أو غيره. وجمعه النّذر. وقوله تعالى : (هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى) (١٠) أي من جنس ما أنذر به الذين تقدّموا.
__________________
(١) وفي الأصل بدون همزة الإستفهام. والآية : ٦ / البقرة : ٢.
(٢) ٤٠ / النبأ : ٧٨.
(٣) ١٣ / فصلت : ٤١.
(٤) وفي الأصل : أأنذرتكم.
(٥) ٦٠ / البقرة : ٢ ، وغيرها.
(٦) ٣٧ / فاطر : ٣٥.
(٧) ١٧ / الملك : ٦٧.
(٨) ١٠١ / يونس : ١٠.
(٩) المفردات : ٤٨٧.
(١٠) ٥٦ / النجم : ٥٣.