فصل النون والسين
ن سء :
قوله تعالى : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها)(١) أي نؤخّرها أو نؤخّر نسخها. والنّسء : التأخّر. يقال : نسأ الله في أجلك ، وأنسأ إنساء. ومنه النّسيئة : وهو البيع إلى أجل. نسئت المرأة ، أي أخّر وقت حيضها فرجي حملها. وقيل : هي أول ما يظنّ بها الحمل. ومنه الحديث : «دخلت عليها وهي نسء» (٢) أي مظنون حملها. والجمع نساء ؛ يقال : امرأة نسء ونسوة نساء. قلت : وعلى هذا يقال : نساء نساء ؛ فالأول جمع امرأة في المعنى ، والثّاني جمع نسء ، وهو جمع تكسير حقيقة. فالأول اسم جمع. وفي الحديث : «من أحبّ أن ينسأ في أجله فليصل رحمه» (٣). وانتسأت ، أي تأخّرت. وأنشد لابن زغبة (٤) : [من الطويل]
إذا انتسؤوا فوت الرمّاح أتتهم |
|
عوائر نبل ، كالجراد تطيرها |
ومنه أيضا النّسيء في قوله : (إِنَّمَا النَّسِيءُ)(٥) لأنه تأخير شهر إلى شهر ، وذلك أنّهم كانوا في الجاهلية يجعلون المحرّم مكان صفر ، فيؤخّرونه إليه. وإنّما كان يفعل ذلك المحاويج من كنانة ليغيروا على بعضهم فيستاقون إبلهم وغنمهم (٦) ، والفاعل لذلك هو جنازة بن عون. قال الشاعر مفتخرا بذلك (٧) : [من الوافر]
ألسنا الناسئين على معدّ |
|
شهور الحلّ نجعلها حراما؟ |
قوله : (تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ)(٨) أي عصاه ؛ سميت بذلك لأنها ينسأ بها أي يؤخّر ، فهي اسم
__________________
(١) ١٠٦ / البقرة : ٢.
(٢) النهاية : ٥ / ٤٥ ، وفي رواية «نسوء» ، وضمير المؤنث يعود على أم عامر بن ربيعة. كما تدعى «النسء» نسيئا كما في اللسان.
(٣) النهاية : ٥ / ٤٤.
(٤) اللسان ـ مادة نسأ ، وله رواية : إذا أنسؤوا. وهو مالك بن زغبة الباهلي.
(٥) ٣٧ / التوبة : ٩.
(٦) لأنهم كانوا يكرهون أن يتوالى عليهم ثلاثة أشهر حرم. فيحلّ لهم رجل من كنانة المحرّم ، فذلك الإنساء.
(٧) الشاعر هو عمير بن قيس بن جذل الطعان ـ اللسان مادة نسأ.
(٨) ١٤ / سبأ : ٣٤.