قوله تعالى : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)(١) أي أوصلت الإحسان إليهم. فالإنعام : إيصال الإحسان إلى الغير. قال الراغب (٢) : ولا يقال إلا إذا كان الموصل إليه من الناطقين (٣) ، فإنه لا يقال : أنعم فلان على فرسه. قوله : (نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ)(٤). النّعماء مقابل الضّرّاء ، والنّعمى مقابل البؤس. والنعيم : حيث ورد فهو النعمة الكثيرة. وتنعّم : تناول ما فيه نعمة وطيب عيش.
والناعم ضدّ الخشن. قوله : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ)(٥) الأنعام جمع نعم ، والنّعم قال الراغب : وتسميته بذلك لكون الإبل عندهم أعظم نعمة. ثم قال : لكن الأنعام تقال للإبل والبقر والغنم. ولا يقال لها أنعام حتى يكون فيها إبل. وقال في قوله تعالى : (مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ)(٦) إنّ الأنعام هاهنا عامّ في الإبل وغيرها. وقال أبو عبيد الهرويّ : «وإنّ لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم ممّا في بطونه» معنى الأنعام النّعم والنّعم ، يذكّر ويؤنّث. ثم قال : الأنعام : المواشي من الإبل والبقر والغنم. فإذا قيل : نعم فهو الإبل خاصة. / وأمّا إفراد الضمير وتذكيره في قوله : (مِمَّا فِي بُطُونِهِ) فلأنّه في تأويل نعم ، كقول الآخر : [من الرجز]
وطاب ألبان اللقاح وبرد
لأنه في معنى لبن ، وفيه نظر لما قدّمته من أنّ الأنعام شاملة للثلاثة الأنعام ، والنعم لواحد منها خصوصا.
والنّعامى : الريح الجنوب الناعمة الهبوب. والنّعامة : سميت بذلك لشبهها بالأنعام خلقة ، ولذلك أوجبوا في جزاء الصيد فيها بدنة. والنعامة : المظلّة على الجبل أو على رأس البئر ، تشبيها بالنعامة في الهيئة. والنّعائم : منزلة من منازل القمر تشبيها بالنعامة ، نحو
__________________
(١) ٧ / الفاتحة : ١.
(٢) المفردات : ٤٩٩.
(٣) وفي المفردات : من جنس الناطقين.
(٤) ١٠ / هود : ١١.
(٥) ٦٦ / النحل : ١٦.
(٦) ٢٤ / يونس : ١٠.