فصل النون والواو
ن و أ :
قوله تعالى : (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ)(١) أي لتنهض. يقال : ناء ينوء : إذا نهض. وناء البعير ينوء نوءا كذلك ، فهو ناء. وقد استعار امرؤ القيس ذلك لليل في قوله (٢) : [من الطويل]
فقلت له ، لمّا تمطّى بجوره |
|
وأردف أعجازا وناء بكلكل |
وقوله تعالى : (أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ)(٣) قيل : هو من ذلك ، أي نهض به ، عبارة عن التكبّر كقولهم : شمخ بأنفه. وقيل : مقلوب من نأى ينأى. وقد تقدّم في قوله تعالى : (لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ) أحدهما أنه مقلوب ، والأصل : لتنوء العصبة بالمفاتيح ، فهو كقوله. (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ)(٤) أي تعرض النار على الذين كفروا. والثاني أنّه ليس بمقلوب لأنّ الباء للحالية ، وتحقيقه في غير هذا.
وفي الحديث : «ثلاث من أمر الجاهلية كذا وكذا والأنواء» (٥) قال أبو عبيدة : هي ثمانية وعشرون نجما (٦). وتقول العرب : مطرنا بنوء كذا. وإنما سمي النجم نوءا لأنه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق. وذلك النهوض هو النّوء ، فسمّي النجم به. قال : وقد يكون نوء النّجم السّقوط. وقال ابن الأعرابيّ : لا يكون نوءا حتى يكون معه مطر. قال : وجمع النّوء نوآن وأنواء. قال : والساقط في المغرب هي الأنواء ، والمطالعة في المشرق هي البوارح.
وفي الحديث : «يصبح من عبادي مؤمن بي ، إلى أن قال ، فمن قال : مطرنا بنوء كذا
__________________
(١) ٧٦ / القصص : ٢٨.
(٢) ديوان امرىء القيس : ٣٦ ، وفيه ـ وهو المشهور ـ : بصلبه.
(٣) ٨٣ / الإسراء : ١٧.
(٤) ٢٠ / الأحقاف : ٤٦.
(٥) النهاية : ٥ / ١٢٢ ، والاثنان الأولان هما : الطعن في الأنساب ، والنياحة.
(٦) ينزل القمر كل ليلة في منزلة منها.