القرآن ما أبلغ تشبيهاته! واهتشم (١) كلّ ما في ضرع الناقة ، أي امتصّه.
فصل الهاء والضاد
ه ض م :
قوله تعالى : (فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً)(٢) أي نقصا. وفي التفسير : لا يخاف أن يظلم فيحمل ذنب غيره ، ولا يهتضم فينقص من حسناته. ومنه دواء يهضم الطعام ، أي ينقص ثقله. ويقال : هضمته ، واهتضمته ، وتهضّمته ، أي نقصته حقّه. وأنشد للمتوكل الليثي : [من الكامل]
إنّ الأذلّة واللئام لمعشر |
|
مولاهم المتهضّم المظلوم |
قيل : والظلم والهضم متقاربان. وفرّق الماورديّ فقال : الظّلم منع جميع الحقّ ، والهضم منع بعضه. وعن بشر بن المفضّل ، وقد قال لابنه : «لم تشرب النبيذ؟ فقال : إنما أشرب القدح والقدحين لينهضم طعامي. قال : والله لدينك أهضم».
قوله تعالى : (وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ)(٣) قال أبو عبد الله : هو المنضمّ (٤) في وعائه قبل أن يظهر. ومنه : رجل أهضم الجنبين ، أي منهضمهما. هذا قول اللغويين ، وفسّره مجاهد : أي يتهشّم تهشّما. وقول أهل اللغة أوفق لمعنى الآية. وقال أبو القاسم (٥) : الهضم : شدخ ما فيه رخاوة ؛ يقال : هضمته فانهضم ، كالقصبة المهضومة التي يزمّر بها. ومزمار مهضم. وقوله : «طلعها هضيم» أي داخل بعضه في بعض ، كأنما شدخ. قلت : وفي هذا الكلام جمع بين قول أهل اللغة وقول مجاهد.
والهاضوم : ما يهضم الطعام. وبطن هضوم ، وكشح مهضم ، وامرأة هضيمة. واستعير الهضم للظّلم ، قال تعالى : (فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً).
__________________
(١) في ح : انهشم ، وفي س : اتهشم. والتصويب من المفردات : ٥٤٣.
(٢) ١١٢ / طه : ٢٠.
(٣) ١٤٨ / الشعراء : ٢٦.
(٤) وفي س : النضيم.
(٥) يريد الراغب ، المفردات : ٥٤٣.