فصل الواو والحاء
و ح د :
قوله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)(١) أي لا ثاني له. وهذا همزته مبدلة من واو الوحدة ، وهي الانفراد. وهذا بخلاف أحد المستعمل في النّفي ، نحو : لا أحد فيها. فإنّ همزته أصلية. وقد أتقنت هذا في غير هذا. والمفسرون يقولون في قوله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) أحد بمعنى واحد. وقال الأزهريّ : الفرق بين الواحد والأحد في صفاته تعالى أنّ الأحد بني لنفي ما يذكر معه العدد. والواحد اسم لمفتتح العدد. وتقول : ما أتاني من أحد ، وجاءني منهم واحد ، والواحد بني على انقطاع النّظير وعوز المثل ، والوحيد بني على الوحدة والانفراد عن الأصحاب.
وقوله : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً)(٢) من صفة المخلوق ، أي خلقته منفردا لا مال له ولا ولد ، ثم جعلت له ذلك. والوحدة : الانفراد. قال بعضهم (٣) : الواحد في الحقيقة هو الشيء الذي لا جزء له البتّة. ثم يطلق في كلّ موجود ، حتى إنّه ما من عدد إلا ويصحّ وصفه به ؛ فيقال : عشرة واحدة ، ومئة واحدة. قال : فالواحد لفظ مشترك يستعمل في ستة أوجه : الأوّل ما كان واحدا في الجنس أو في النوع كقولنا : الإنسان والفرس واحد في الجنس وزيد وعمر واحد في النوع. الثاني : ما كان واحدا بالاتصال ؛ إمّا من حيث الخلقة كقولك : شخص واحد ، وإمّا من حيث الصّناعة كقولك : حرفة واحدة. الثالث : ما كان واحدا لعدم نظيره ، إمّا في الخلقة كقولك : الشمس واحدة ، وإمّا في دعوى الفضيلة كقولك : فلان واحد دهره مثل : نسيج وحده. الرابع : ما كان واحدا لامتناع التّجزيء فيه إمّا لصغره كالهباء ، وإمّا لصلابته كالألماس. الخامس : للمبدأ ؛ إمّا لمبدأ الأعداد كقولك : واحد ، اثنان ، أو لمبدأ الخطّ كقولك : النقطة الواحدة. والوحدة في كلّها عارضة.
قال : وإذا وصف الله تعالى بالواحد فمعناه أنه الذي لا يجري عليه التّجزيء ولا
__________________
(١) ١ / الإخلاص : ١١٢.
(٢) ١١ / المدثر : ٧٤.
(٣) مذكور في المفردات : ٥١٤.