فصل الواو والكاف
و ك أ :
قوله تعالى : (قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها)(١) أي أتّكىء عليها وأعتمد. وحقيقته من الوكاء ، وهو رباط الشيء. ومنه وكاء السّقّاء. وفي الحديث : «العينان وكاء السّه» (٢) أي بمنزلة الوكاء. فمعنى توكّأ على العصا : تسدّد بها وتقوّى. وفي المثل : «يداك أوكتا وفوك نفخ» (٣) قيل في رجل نفخ في زقّ وربطه ، فسبح عليه في الماء فانحلّ رباطه ، فقيل له : «يداك أوكتا وفوك نفخ». يضرب لكلّ من لم يحتط في أمره. وفي معناه قول الآخر : [من الوافر]
لنفسك لم ولا تلم المطايا |
|
ومت كمدا فليس لك اعتذار |
و ك د :
قوله تعالى : (وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها)(٤) أي تقويتها وإحكامها. يقال : وكّدت القول وأكّدته ـ بالواو والهمز ـ نحو : ورّخ وأرّخ ـ بمعنى أحكمته وقوّيته. ومنه التوكيد الاصطلاحيّ ؛ فإنه تقوية المعنى في النفس. وقد فرّق الخليل بين الواو والهمز فقال : «أكّدت» في الأيمان أجود ، و «وكّدت» في القول أجود. تقول إذا عقدت : أكّدت وإذا حلفت : وكّدت ؛ نقله الراغب (٥) وفيه نظر ؛ فإنّ القراء كلّهم على الواو في الآية الكريمة ، ولا يقال توكيدا. انتهى. يعني أنه اختصّ بهذا اللفظ بالهمز دون الواو ، وفيه نظر ؛ إذ ليس في النطق باللغة الأخرى حجر. وفي الحديث ، وقد ذكر طالب العلم : «قد أوكدتاه يداه ، وأعمدتاه رجلاه» (٦). أوكدتاه ، أعملتاه. يقال : وكّد فلان أمرا : قصده : وما زال هذا وكدي ، أي دأبي وقصدي. وأما الوكد ـ بالفتح ـ فمصدر. ووكد فلان وكد فلان : قصد قصده وتخلّق بخلقه.
__________________
(١) ١٨ / طه : ٢٠.
(٢) النهاية : ٥ / ٢٢٢ ، جاءت في مادة (وك ي) وهو الصواب ، وفيه «العين». جعل اليقظة للاست كالوكاء للقربة. والسّه : حلقة الدبر.
(٣) المستقصى : ٢ / ٤١٠.
(٤) ٩١ / النحل : ١٦.
(٥) المفردات : ٥٣١.
(٦) النهاية : ٥ / ٢١٩.