أقول لهم بالشّعب إذ ييسرونني : |
|
ألم تيأسوا (١) أني ابن فارس زهدم؟ |
أي ألم يعلموا ، وهو قول قتادة. وقيل : معناه : أفلم ييأس الذين آمنوا من إيمان من وصفهم الله بأنّهم لا يؤمنون؟ لأنه قال تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى)(٢). قوله تعالى : (قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ)(٣) قال ابن عرفة : معنى قول مجاهد : كما يئس الكفار في قبورهم من رحمة الله تعالى لأنّهم آمنوا بالبعث بعد الموت فلم ينفعهم إيمانهم حينئذ. وقال غيره : كما يئسوا من أصحاب القبور أن يحيوا ويبعثوا. قلت : فقوله : من أصحاب القبور على القول الأول يكون بيانا لقوله (الْكُفَّارُ). وعلى الثاني تكون متعلقة باليأس. وقد حقّقنا هذا في غير هذا.
قوله تعالى : (كانَ يَؤُساً)(٤) أي شديد اليأس (٥). يقال : أيس فهو آيس (٦) ويؤوس ، نحو ضارب وضروب. وفي صفته عليه الصلاة والسّلام : «لا يأس من طول» (٧) فسّره الهرويّ بأنّ معناه أنّ قامته لا يؤيس من طوله ، لأنّه كان إلى الطول أقرب. وأنشد قول أبي وجزة (٨) : [من الكامل]
يئس القصار فليس من نسوانها |
|
وحماسهن لها من الحساد |
يقول : يئسن من مباراتها (٩) في القوام.
__________________
(١) وفي اللسان : ألم يعلموا ، وبه لا شاهد فيه. وزهدم اسم فرس أبيه سحيم بن وثيل.
(٢) ٣٥ / الأنعام : ٦.
(٣) ١٣ / الممتحنة : ٦٠.
(٤) ٨٣ / الإسراء : ١٧.
(٥) ساقطة من ح.
(٦) ساقطة من ح.
(٧) النهاية : ٥ / ٢٩١.
(٨) هو أبو وجزة السعدي ، يزيد بن عبيد من بني سعد بن بكر. كان شاعرا مجيدا ورواية للحديث. توفي بالمدينة سنة ١٣٠ ه. وأحد من يتغزل بالأعجاز. وأخباره في الأغاني : ١٢ / ٢٣٩ ، الشعر والشعراء : ٥٩١ ، والبيت لم نعثر عليه ، وفي قراءته نظر.
(٩) وفي ح : مداراتها.