النّفقة ما ينتفعن به. ومنه : نكاح المتعة وذلك أنه كان الرجل ينكح المرأة مدة معلومة ينتفع بها فيها إذا مضت فارقها من غير طلاق كالمستأجرة ، وقال الراغب (١) : هي أنّ الرجل كان يشارط المرأة على مال معلوم يعطيها إلى أجل معلوم ، فإذا انقضى ذلك الأجل فارقها من غير طلاق ، وكيفما كان فنكاح المتعة باطل وإن كان جائزا في أول الإسلام فقد نسخ حكمه. وقد بينّا مذاهب الناس فيه في «القول الوجيز».
وقوله : (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ)(٢) اختلف الناس في كيفية ذلك على ما بينّاه في الكتاب المشار إليه ، وحاصله أنّ فيه انتفاعا للحاجّ بمعنى أن ينتفع باستباحته محظورات الإحرام تلك المدة إلى أن يحرم بالحجّ بخلاف المفرد والقارن (٣).
وكلّ موضع ذكر فيه تمتّع الدّنيا فعلى سبيل التّهديد ، وذلك لما فيه من التوسّع والتنعّم. قوله : (قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ)(٤) أي سائر انتفاعاتها بجميع الأشياء قليل في جنب متاع الآخرة لكثرته كثرة خارجة عن الحدّ ، ولكونه على صفة لا يعلمها إلا الله ولو لم يكن فيه إلا سلامته من المنغّصات والشّوائب والمكدّرات وانقطاعه في بعض الأوقات لكفى. قوله : (وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ)(٥) يحتمل البقاء ويحتمل التّوسعة في النّعمة. قوله : (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ)(٦) تنبيه على أنّ لكلّ إنسان من الدنيا تمتّع مدة معلومة. قوله : (إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ)(٧) أي لا بدّ لهم من حين يموتون فيه بعد إنجائنا إياهم من الغرق وتمتيعنا لهم في الدّنيا بضروب النّعم ، وقد غرق بعضهم ثم نجا فهنّىء بالسلامة ، فأنشد : [من الوافر]
__________________
(١) المفردات : ٤٦١.
(٢) ١٩٦ / البقرة : ٢.
(٣) المفرد : هو الذي يحرم بالحج لا غير ، فيؤدي الحج أولا ثم يحرم بالعمرة ـ والمتمتع : هو الذي يحرم بالعمرة أولا في أشهر الحج ويتمّها ثم يحرم بالحج في سنته وأشهره. والقارن : هو الذي يجمع بين إحرام العمرة وإحرام الحج قبل وجود ركن العمرة وهو الطواف (الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي : ٣ / ١٣٤).
(٤) ٧٧ / النساء : ٤.
(٥) ٩٨ / يونس : ١٠.
(٦) ٣٦ / البقرة : ٢.
(٧) ٤٤ / يس : ٣٦.