ذلك. فالمحو والإثبات بالنسبة إلى علم الملائكة ، وأما علمه تعالى فلا يتبدّل ولا يتغيّر ولا يوجد في الوجود شيء إلا على وقف علمه القديم ، ولذلك عقبه بقوله : (وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) أي أصل ذلك الكتاب وهو علمه. وعبّر في الحديث بقوله : «ينظر عن أمره بما يريد ولا بنظر على الحقيقة». وبالجملة : (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ)(١) وقيل : ينسخ من الأمر والنهي ويبقي ما يشاء.
وأصل المحو إزالة الأثر ، ومنه قيل للشّمال محوة لأنّها تمحو السحاب والأثر. وفي الحديث : «لي خمسة أسماء منها الماحي» (٢) لأنه يمحو الله به الكفر وآثاره ، وقال بعضهم يخاطب النعمان بن بشير (٣) : [من الطويل]
زيادتنا نعمان لا تمحونّها |
|
تق الله فينا والكتاب الذي تتلو |
يقال : محوت الكتاب محوا ومحيته محيا.
فصل الميم والخاء
م خ ر :
قوله تعالى : (وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ)(٤) جمع ماخرة وهي السّفن ؛ وصفت بذلك لأنها تشقّ الماء بجناحيها أي بصدورها. والمخر : الشقّ ؛ يقال : مخرت السفينة الماء : إذا شقّته ، ومخر الأرض ، أي شقّها بالحرث ، ومخرها بالماء : إذا حبسه عليها لتصير ريّضة ، أي خليقة بالزراعة.
وقيل : مخر الأرض استقبالها بالدّور فيها. يقال : مخرت السفينة مخرا ومخورا ، واستمخرت الريح ، وامتخرتها : إذا استقبلتها بأنفك ، ومنه الحديث : «استمخروا الريح
__________________
(١) ٢٣ / الأنبياء : ٢١.
(٢) النهاية : ٤ / ٣٠٥.
(٣) البيت لعبد الله بن همّام السّلولي (معاني القرآن للفراء : ٢ / ٤١٠) ، وفيه : لا تحرمنّها. وبروايته لا يكون شاهدا ل «محو». وفي اللسان (مادة وقى) : لا تنسينّها.
(٤) ١٤ / النحل : ١٦.