(فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (١٨)) [الفتح : ١٨] وقوله صلىاللهعليهوسلم : «إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران ، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر» فإذا كان الحاكم في وقتنا له أجران [على] اجتهاده فما ظنك باجتهاد من رضي الله عنهم ورضوا عنه.
ويدل على صحة هذا القول : قوله صلىاللهعليهوسلم للحسن عليهالسلام : «إن ابني سيّد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» فأثبت العظم لكل واحدة من الطائفتين ، وحكم لهم بصحة الإسلام. وأيضا قوله صلىاللهعليهوسلم : «يكون بين أصحابي هنات ونزغات يكفرها الله تعالى لهم ويشقى فيها من شقي». وقد وعد الله هؤلاء القوم بنزع الغل من صدورهم بقوله تعالى : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٧)) [الحجر : ٤٧].
مسألة
ويجب أن يعلم أن خير الأمة أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأفضل الصحابة العشرة الخلفاء الراشدون الأربعة رضي الله عن الجميع وأرضاهم ، ونقر بفضل أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكذلك نعترف بفضل أزواجه رضي الله عنهن ، وأنهن أمهات المؤمنين ، كما وصفهن الله تعالى ورسوله ، ونقول في الجميع : خيرا ، ونبدّع ، ونضلّل ، ونفسّق من طعن فيهن أو في واحدة منهن ، لنصوص الكتاب والسنة في فضلهم ومدحهم والثناء عليهم ، فمن ذكر خلاف ذلك كان فاسقا مخالفا للكتاب والسنة نعوذ بالله من ذلك.
مسألة
ويجب الكف عن ذكر ما شجر بينهم ، والسكوت عنه ، لقوله صلىاللهعليهوسلم : «إياكم وما شجر بين أصحابي» وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قيل له : ما تقول فيما شجر بين الصدر الأول؟ فقال : أقول كما قال الله تعالى : (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا) [الحشر : ١٠] وسئل عن ذلك جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام فقال : أقول ما قال الله : (عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى) [طه : ٥٢]. وسئل بعضهم عن ذلك فقال : (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٣٤)) [البقرة : ١٣٤]. وسئل عمر بن عبد العزيز عن ذلك فقال : «تلك دماء طهّر الله يدي منها أفلا أطهّر منها لساني ؛ مثل أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم مثل العيون ودواء العيون ترك مسها».