قديما ، هذا جهل ظاهر. وإن قلتم المفهوم من (الم (١)) [البقرة : ١] و (حم (١)) [غافر : ١ ، فصلت : ١ ، الشّورى : ١ ، الزخرف : ١ ، الدخان : ١ ، الجاثية : ١ ، الأحقاف : ١] ونحو ذلك هو كلام الله تعالى عند نظر الناظر إليها ، وأن المسموع عند قراءة القارئ (الم (١)) [البقرة : ١] و (حم (١)) [الشّورى : ١] ونحو ذلك هو كلامه تعالى وهذا صحيح ، وصحّ بذلك أن الكلام القديم يفهم بالحروف المنظومة ، على اختلاف نظمها بين أرباب تلك الخطوط والأشكال كلام الله تعالى ، فكذلك صحّ أن القراءة هي حروف وأصوات بها يسمع كلام الله القديم على حسب اختلاف اللغات بين أربابها ، لا أنها نفس كلامه القديم. وقد اختلف المفسرون في هذه الحروف المقطعة في أوائل السور على ثمانية أقوال :
أحدها : أنها أسماء من أسماء القرآن ، كالذكر والفرقان ، وهذا قول قتادة وابن جريج.
الثاني : أنها اسم لكل سورة ذكرت في أولها ، وهذا قول زيد بن أسلم.
الثالث : أنها يعبر بها عن اسم الله الأعظم ، وهذا قول السدّي ، والشعبي.
والرابع : أنها أقسام أقسم بها الله تعالى ، وبه قال ابن عباس ، وعكرمة.
والخامس : أنها حروف مقطعة من أسماء وأفعال ، فالألف من أنا ، واللام من الله ، والميم من أعلم. فكان معنى ذلك أنا الله أعلم. وهذا قول ابن مسعود ، وسعيد بن جبير ونحوه عن ابن عباس أيضا ؛ والعرب قد تعبر عن الكلمة بحرف منها ، كقول القائل : قلت لها قفي. قالت : قاف. أي وقفت ، ومثله في كلام العرب كثير. وقد قال ابن عباس في قوله تعالى : (كهيعص (١)) [مريم : ١] الكاف من كاف ، والهاء من هاد ، والياء من حكيم ، والعين من عليم ، والصاد من صادق.
السادس : أن كل حرف منها يدل على معان مختلفة ، فالألف مفتاح اسمه الله ، واللام مفتاح اسمه لطيف ، والميم مفتاح اسمه مجيد ، والألف آلاء الله ، يعني نعمه ، واللام ملكه ، والميم مجده ، والألف سنة ، واللام ثلاثون سنة ، والميم أربعون سنة ، آجال ذكرها.
والسابع : أنها حروف من حساب الجمل ، لما روي عن ابن عباس ، عن جابر بن عبد الله قال : مر أبو ياسر [ابن أخطب] ورسول الله يتلو فاتحة الكتاب وسورة البقرة (الم (١) ذلِكَ الْكِتابُ) [البقرة : ١ و ٢] فأتاه أخوه حييّ بن أخطب ، فأخبره ، فقال حييّ بن أخطب : وأقبل على اليهود ، فقال لهم : الألف واحد ، واللام ثلاثون ، والميم