بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيد الأولين والآخرين ، وأكرم السابقين واللاحقين ، وسلّم ومجّد وكرم ، سبحان من بيده الضر والنفع ، والوصل والقطع ، والتفرقة والجمع ، والعطاء والمنع ، وفق من أحب لتنزيهه فحمى موضع نظره منه وكذا السمع ، وخذل من أبغض فجرى لشقاوته على ما اعتاده وألفه من رديء الطبع ، فهب على الأول نسيم إسعاده وعلى الثاني ريح إبعاده ، لصدع قلبه بتمويه العدو فيا له من صدع ، تقدس وتمجد بعز كبريائه وجلاله ، وتفرد بأوصاف عظمته وكماله ، كما عمّ بجوده وإفضاله ونواله ، تقدّس وتبارك عن مشابهة العبيد ، وتنزّه عن صفات الحدوث.
فمن شبه فقد شابه السامرة وأبا جهل والوليد ، ومن عطل ما ثبت له من صفاته بالأدلة القاطعة فهو عن الحق مائل ومحيد (١) ، وكلا القسمين سفيه وشقي وغير رشيد ، ومن ورائهما عذاب شديد.
ونال خلع الرضوان في دار الأمان من نزه مع تزايد الكرامات ولديه مزيد.
فشتان بين من هو راتع في رياض السلامة ونزل الكرامة في دار المقامة ، وبين المطرود المبعود (٢) وقد حق عليه الوعيد.
وبعد ، فإن سبب وضعي لهذه الأحرف اليسيرة ما دهمني من الحيرة من أقوام أخباث السريرة ، يظهرون الانتماء إلى مذهب السيد الجليل الإمام أحمد ، وهم على خلاف ذلك والفرد الصمد. والعجب أنهم يعظمونه في الملأ ويتكاتمون إضلاله مع بقية الأئمة وهم أكفر ممن تمرد وجحد ، ويضلون عقول العوام وضعفاء الطلبة بالتمويه الشيطاني وإظهار التعبد والتقشف وقراءة الأحاديث ويعتنون بالمسند ، كل ذلك
__________________
(١) كان ينبغي أن يقول حائد : ولعله اختار ذلك مراعاة للسجع ، اه مصححه.
(٢) اسم المفعول مبعد فيقال فيه كما قيل فيما قبله ، اه مصححه.