على التصريح من أهل المكس وتجرئهم عليه وقرر ما قاله بتقرير مقبول في شق وأهمل الآخر فلما وقفت على ذلك قب بدني وهجت على الكلام في ذلك وكان شخص من الحنابلة يدعى بعلاء الدين بن اللحام البعلبكي وكان عندهم عظيما وصنّف في مذهب الإمام فأتيته وهو في حلقة في الجامع الأموي وهم يقرءون عليه في بعض مصنفاته فسألته عن شيء يتعلق بمسألة تقرأ عليه في كتابه فما أجاب ثم أخرى فما أجاب ثم قلت : ما هذه المسألة التي ذكرها الشيخ تقي الدين بن تيمية في المكس فقال : وشرع يقرر ما قرره ابن تيمية فأخذت الشق الآخر وقررته فسكت ولم يجد جوابا فقلت : يلزم أحد شيئين إما بطلان ما قاله أو تكفيره فقال : هذه المسألة ما هي في فتاويه وأنا اختصرتها فهذه قاعدة من قواعدهم يبحثون مع الخصم فإن ظفروا به فلا كلام وإن ظفر بهم قالوا هذه ما هي في كلامه فهم خلف إمامهم في المكر والخديعة والكذب وقد خاب من افترى ، والله أعلم.
ومن الأمور المنتقدة عليه : وهو من أقبح القبائح وشر الأقوال وأخبثها مسألة التفرقة التي أحدثها غلاة المنافقين من اليهود وعصوا أمر النبي صلىاللهعليهوسلم واستمر عليها أتباعهم الذين يظهرون الإسلام وقلوبهم منطوية على بغض النبي صلىاللهعليهوسلم ولم يقدروا أن يتوصلوا إلى الغض منه إلا بذلك. وقد ذكر المسألة الأئمة الأعلام فاذكر بعض كلامهم فيها ثم أعود إلى تتميمه مستدلا بأمور سمعية وغيرها تفيد جلالته وعظامته وحياته في قبره صلىاللهعليهوسلم وبقاء حرمته على ما كان عليه في حياته ويقطع الواقف عليها أو على بعضها بأن القائلين بالتفرقة من متغالي أهل الزيغ والزندقة وأن ابن تيمية الذي كان يوصف بأنه بحر في العلم لا يستغرب فيه ما قاله بعض الأئمة عنه من أنه زنديق مطلق وسبب قوله ذلك أنه تتبع كلامه فلم يقف له على اعتقاد حتى أنه في مواضع عديدة يكفر فرقة ويضللها وفي آخر يعتقد ما قالته أو بعضه مع أن كتبه مشحونة بالتشبيه والتجسيم والإشارة إلى الازدراء بالنبي صلىاللهعليهوسلم والشيخين وتكفير عبد الله بن عباس رضي الله عنه وأنه من الملحدين وجعل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما من المجرمين وأنه ضال مبتدع ، ذكر ذلك في كتاب له سماه (الصراط المستقيم والرد على أهل الجحيم) وقد وقفت في كلامه على المواضع الذي كفر فيها الأئمة الأربعة (١)
__________________
(١) أحب أن لا يستغرب القارئ شيئا يراه منسوبا إلى هذا الرجل بعد تصريح العلماء عنه أنه يستخف برسول الله صلىاللهعليهوسلم ويزدريه ويصغر من شأنه فإن الذي يجترئ على أسمى مقام في الوجود لا يتهيب ما دونه فليعلم ، اه مصححه.