بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد فإن مما يحزّ في نفس كل غيور على الدين الإسلامي أن يرى من تغدق عليه الأمة كلّ خير ، ليقوم بحراسة الدين وجمع كلمة المسلمين ، يسعى بكل ما أوتي من قوة البيان ، في التشكيك فيما توارثته الأمة في المسائل الاعتقادية والعملية والخلقية من صدر الإسلام إلى اليوم ، وتشتيت كلمتهم بمفاجأتهم بما يدعهم حيارى بين الأخذ بالجديد والاستمرار على القديم ، متهامسين فيما بينهم بما لا يرضي الله ورسوله.
وهو يحسب أنه في سبيل التجديد ، ظنا منه أن كلّ تجديد يرفع شأن الأمة ، مع أن التجديد النافع هو اكتشاف أمور جديدة من أسرار الكون واستخدامها في مرافق الحياة ، وإصلاح شئون المجتمع بإزالة أسباب الانحلال الخلقي والتذبذب الديني.
وهذا هو الذي يعلي شأن الأمة حقا ، ويغنيها عن أن تكون عالة على أمة سوى نفسها ، فيجعلها تقطع شوطا بعيدا في سبيل استعادة مجد الأجداد ، فلا تجد من يعاكس مثل هذا النهوض ، بل يلقى كلّ تشجيع وتقدير وثناء في كل ناد. وأما مساس دين الأمة والأحكام العملية والاعتقادية المستقرة من صدر الإسلام إلى اليوم ، بتحوير وتغيير ، باسم الإصلاح أو التجديد بين حين وآخر ، فلا يكون وسيلة خير أصلا.
وكتاب الله محفوظ كما أنزل ، وسنّة رسوله محوطة بسياج من عناية الحفّاظ في كل قرن ، ومسائل الوفاق والخلاف مدوّنة في كتب خالدة في جميع الطبقات ، لا يحوج شيء إلى شيء ، غير بعض عناية بالاطّلاع ، وهكذا جميع العلوم المتصلة بالقرآن الحكيم.
فدين يكون كتابه ، وسنّة رسوله ، ومسائله ، ومؤلّفاته كما وصفناه لا يحتاج إلى «لوثرية» ، ومن ظنّ خلاف هذا فقد جهل تاريخ دين الإسلام وتاريخ الدين النصراني ،