الإسلامي تشتت شمل الجماعة ، بل بقي الإسلام في جوهره ـ بفضل الله جلّ جلاله ـ وضّاء المنار واضح المنهاج ، نيّر الطريقة ، بادي المعالم لمن ألقى إلى تعاليمه السمع وهو شهيد.
وغاية ما تخيل الأعداء أن يتمكنوا منه أن يوقفوا نموه العظيم الذي كان ظهر في الصدر الأول ، ويعرقلوا رقى معتنقيه السريع بعد أن بهر أبصار أولي الأبصار في أوائل انتشاره ، لكن أبى الله إلا أن يتم نوره.
وكان أخطر هؤلاء الأعداء على الدهماء وأبعدهم غورا في الإغواء أناسا ظهروا بأزياء الصالحين بعيون دامعة كحيلة ، ولحي مسرحة طويلة ، وعمائم كالأبراج ، وأكمام كالأخراج ، يحملون سبحات كبيرة الحبات ، ويتظاهرون بمظهر الدعوة إلى سنة سيد السادات مع انطوائهم على مخاز ورثوها عن الأديان الباطلة ، والنحل الآفلة ، وكان من مكرهم الماكر أن خلطوا الكذب المباشر بالتزيد في تفسير مأثور أو في حديث صحّ أصله عند الجمهور ، باعتبارهم ذلك أنجع في إفساد دلالة كتاب الله وسنة رسوله صلىاللهعليهوسلم على أفهام أناس قرب عهدهم من الجاهلية ولم تتكامل بعد عقولهم ولا نضجت أفكارهم.
وكم أضلّ رواة من هذا القبيل طوائف من سذج المسلمين منذ عهد التابعين حيث اندسوا بين الصالحين من رواة الأعراب ومواليهم لإدخال ما اختلقوه من الأخبار بين مرويات هؤلاء الأخيار ، حتى يتم إفساد دين المسلمين عليهم ، ولكن أبى الله إلا أن يرد كيدهم في نحرهم حيث أقام جهابذة يسعون في إبعاد مختلقاتهم عن مرتبة الاعتداد في جميع الطبقات ، على أن في عقول الذين أسلموا إسلاما صحيحا من النور ما يشق لهم الطريق إلى تعرف دخائل المرويات من نفس تلك الروايات ، وإن لم تخل طبقة من طبقات الرواة من أغرار انخدعوا بها وتعصبوا لها ، لأن الفاتنين كانوا راعوا في رواياتهم عقول هؤلاء ومداركهم في جاهليتهم تيسيرا لزلل أقدامهم وتدهورهم في هاوية إغوائهم.
انخداع سذج الرواة
فالرواة السذج إذا انخدعوا بمثل هذا التمويه يكون عندهم بعض عذر ، ومن الذي لا ينخلع قلبه؟ إذا سمع السنة والدعوة إلى السنة من متقشف متظاهر بالورع الكاذب على تقدير جهل السامع بما وراء الأكمة؟ فيجب أخذ هؤلاء بالرفق لتدريجهم إلى الحق من باطل تورطوا فيه باسم السنة.
ومن محققي أهل السنة من يشير إلى أن العامي إذا بدر منه ما يوهم ظاهره التشبيه يرجي من فضل الله أن يسامحه حيث يعلو التنزيه من الجهة ونحوها عن