الباقون على الفطرة السليمة. ولهذا كان الشافعي رضي الله عنه ينهى عن الاشتغال بعلم الكلام ويأمر بالاشتغال بالفقه فهو طريق السلامة ، ولو بقي الناس على ما كانوا عليه في زمن الصحابة كان الأولى للعلماء تجنب النظر في علم الكلام جملة ، لكن حدثت بدع أوجبت للعلماء النظر فيه لمقاومة المبتدعين ودفع شبههم حذرا من أن تزيغ بها قلوب المهتدين.
الأشعرية أعدل الفرق
والفرقة الأشعرية هم المتوسطون في ذلك وهم الغالبون من الشافعية والمالكية والحنفية وفضلاء الحنابلة وسائر الناس.
وأما المعتزلة فكانت لهم دولة في أوائل المائة الثالثة ساعدهم بعض الخلفاء ثم انخذلوا وكفى الله شرهم.
وهاتان الطائفتان الأشعرية والمعتزلة هما المتقاومتان وهما فحولة المتكلمين من أهل الإسلام ، والأشعرية أعدلهما لأنها بنت أصولها على الكتاب والسنة والعقل الصحيح.
وأما الحكمة اليونانية فالناس مكفيون شرها ، لأن أهل الإسلام كلهم يعرفون فسادها ومجانبتها للإسلام.
وأما الحشوية فهي طائفة رذيلة جهال (١) ينتسبون إلى أحمد وأحمد مبرّأ منهم. وسبب نسبتهم إليه أنه قام في دفع المعتزلة وثبت في المحنة رضي الله عنه ، نقلت عنه كليمات ما فهمها هؤلاء الجهال فاعتقدوا هذا الاعتقاد السيئ وصار المتأخر منهم يتبع المتقدم ، إلا من عصمه الله وما زالوا من حين نبغوا مستذلين ليس لهم رأس ولا من يناظر وإنما كانت لهم في كل وقت ثورات ويتعلقون ببعض أتباع الدول ويكفي الله شرهم ، وما تعلقوا بأحد إلا كانت عاقبته إلى سوء وأفسدوا اعتقاد جماعة شذوذ من الشافعية (٢) وغيرهم ولا سيما بعض المحدثين الذين نقصت عقولهم أو غلب عليها من
__________________
(١) وهم طوائف كالكرامية والبربهارية والسالمية ولابن الجوزي كتاب (منهاج الوصول إلى علم الأصول) وكتاب (دفع شبه التشبيه بكف التنزيه) أجاد الرد عليهم فيهما ، وسبق أن نشر الثاني ، ومن جملة ما يقوله ابن الجوزي فيه :
فقد فضحوا ذاك الإمام بجهلهم |
|
ومذهبه التنزيه لكن هم اختلوا |
وهو بديع في بابه حجة على من سايرهم من الحنابلة.
(٢) على طول القرون لكن كفى شرهم نظار أهل الحق من الشافعية ولسنا في صدد سرد أسمائهم هنا ونشير عرضا إلى بعضهم فيما نعلق على هذا الكتاب.